ب اوه

بي اوهو

نوشيرك بريد /الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟ /وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام  /المقحمات ا. /قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا/ المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر / /ُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما /ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

وحور عين ( 22 ) كأمثال اللؤلؤ المكنون ( 23 ) جزاء بما كانوا يعملون ( 24 ) لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ( 25 ) إلا قيلا سلاما سلاما


القول في تأويل قوله تعالى : ( وحور عين ( 22 ) كأمثال اللؤلؤ المكنون ( 23 ) جزاء بما كانوا يعملون ( 24 ) لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ( 25 ) إلا قيلا سلاما سلاما ( 26 )

 
اختلف القراء في قراءة قوله : ( وحور عين ) فقرأته عامة قراء الكوفة وبعض المدنيين " وحور عين " بالخفض إتباعا لإعرابها إعراب ما قبلها من الفاكهة واللحم ، وإن كان ذلك مما لا يطاف به ، ولكن لما كان معروفا معناه المراد أتبع الآخر الأول في الإعراب ، كما قال بعض الشعراء .
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا 
فالعيون تكحل ، ولا تزجج إلا الحواجب ، فردها في الإعراب على الحواجب ؛ لمعرفة السامع معنى ذلك وكما قال الآخر :
تسمع للأحشاء منه لغطا ولليدين جسأة وبددا
والجسأة : غلظ في اليد ، وهي لا تسمع .
وقرأ ذلك بعض قراء المدينة ومكة والكوفة وبعض أهل البصرة بالرفع ( وحور عين ) على الابتداء . وقالوا : الحور العين لا يطاف بهن ، فيجوز العطف بهن في الإعراب على إعراب فاكهة ولحم . ولكنه مرفوع بمعنى : وعندهم حور عين ، أو لهم حور عين .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء مع تقارب معنييهما ، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب . والحور جماعة حوراء : وهي النقية بياض العين ، الشديدة سوادها . والعين : جمع عيناء ، وهي النجلاء العين في حسن .
وقوله : ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) يقول : هن في صفاء بياضهن وحسنهن ، كاللؤلؤ المكنون الذي قد صين في كن .
وقوله : ( جزاء بما كانوا يعملون ) يقول - تعالى ذكره - : ثوابا لهم من الله بأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا ، وعوضا من طاعتهم إياه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : ثنا ابن يمان ، عن ابن عيينة ، عن عمرو عن الحسن ( وحور عين ) قال : شديدة السواد : سواد العين ، شديدة البياض : بياض العين .
قال ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الضحاك ( وحور عين ) قال : بيض عين قال : عظام الأعين .
حدثنا ابن عباس الدوري قال : ثنا حجاج قال : قال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس قال : الحور : سود الحدق .
حدثنا الحسن بن عرفة قال : ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي ، عن عباد بن منصور الباجي أنه سمع الحسن البصري يقول : الحور : صوالح نساء بني آدم .
قال ثنا إبراهيم بن محمد ، عن ليث بن أبي سليم قال : بلغني أن الحور العين خلقن من الزعفران .
حدثنا الحسن بن يزيد الطحان قال : حدثتنا عائشة امرأة ليث ، عن ليث ، عن مجاهد قال : خلق الحور العين من الزعفران 
حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : ثنا عمرو بن سعد قال : سمعت ليثا ، ثني عن مجاهد قال : الحور العين خلقن من الزعفران .
وقال آخرون : بل معنى قوله : ( حور ) أنهن يحار فيهن الطرف .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد ( وحور عين ) قال : يحار فيهن الطرف .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( كأمثال اللؤلؤ ) قال أهل التأويل ، وجاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال : ثنا أحمد بن الفرج الصدفي الدمياطي ، عن عمرو بن هاشم ، عن ابن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) قال : " صفاؤهن كصفاء الدر الذي في الأصداف الذي لا تمسه الأيدي 
وقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ) يقول : لا يسمعون فيها باطلا من القول ولا تأثيما ، يقول : ليس فيها ما يؤثمهم .
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ) والتأثيم لا يسمع ، وإنما يسمع اللغو . كما قيل : أكلت خبزا ولبنا ، واللبن لا يؤكل ، فجازت إذ كان معه شيء يؤكل .
وقوله : ( إلا قيلا سلاما سلاما ) يقول : لا يسمعون فيها من القول إلا قيلا سلاما : أي اسلم مما تكره .
وفي نصب قوله : ( سلاما سلاما ) وجهان : إن شئت جعلته تابعا للقيل ، ويكون السلام حينئذ هو القيل فكأنه قيل : لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا سلاما سلاما ، ولكنهم يسمعون سلاما سلاما . والثاني : أن يكون نصبه [ ص: 109 ] بوقوع القيل عليه ، فيكون معناه حينئذ : إلا قيل سلام فإن نون نصب قوله : ( سلاما سلاما ) بوقوع قيل عليه .
 

*الْحُورِ الْعِينِ وَصِفَتِهِنَّ؛أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

باب نزول الْحورِ الْعِينِ وَصِفَتِهِنَّ

يُحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ شَدِيدَةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ‏( وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عين‏}‏ ‏[‏الدخان‏:‏ 54‏]‏ أَنْكَحْنَاهُمْ‏.‏

- فيه‏:‏ أَنَس، قَالَ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلا الشَّهِيدَ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى‏)‏‏.‏

- وَقَالَ أَنَس، عَنِ النَّبِىِّ، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ- أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ يَعْنِى سَوْطَهُ- مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأرْضِ لأضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا‏)‏‏.‏
نيا لأضاءت كلها، ليستزيد من كرامة الله وتنعيمه وفضله‏.‏
مثل طبيخ وقدير بمعنى مطبوخ ومقدور‏.‏

وقيد الرمح‏:‏ قدره وقيسه، والنصيف‏:‏ الخمار من كتاب العين‏.‏ 
 -----------

كيف يحاسب الكافر يوم القيامة وهو غير مطالب بالتكاليف الشرعية‏؟‏
‏(‏ 164‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ - أعلى الله درجته-‏:‏ كيف يحاسب الكافر يوم القيامة وهو غير مطالب بالتكاليف الشرعية‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ هذا السؤال مبني على فهم ليس بصحيح فإن الكافر مطالب بما يطالب به المؤمن لكنه غير ملزم به في الدنيا ويدل على أنه مطالب قوله -تعالى‏:‏ ‏{‏إلا أصحاب اليمين‏.‏ في جنات يتساءلون ‏.‏عن المجرمين ‏.‏ ما سلككم في سقر ‏.‏ قالوا لم نك من المصلين ‏.‏ ولم نك نطعم المسكين ‏.‏ وكنا نخوض مع الخائضين ‏.‏ وكنا نكذب بيوم الدين‏}‏ فلولا أنهم عوقبوا بترك الصلاة ، وترك إطعام المساكين ما ذكروه ، لأن ذكره في هذه الحال لا فائدة منه وذلك دليل على أنهم يعاقبون على فروع الإسلام ، وكما أن هذا هو مقتضى الأثر فهو أيضاً مقتضى النظر فإذا كان الله تعالى يعاقب عبده المؤمن على ما أخل به من واجب في دينه فكيف لا يعاقب الكافر‏؟‏ بل إني أزيدك أن الكافر يعاقب على كل ما أنعم الله به عليه من طعام وشراب وغيره قال تعالى ‏:‏ ‏{‏ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيها طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين‏}‏ فمنطوق الآية رفع الجناح عن المؤمنين فيما طعموه ومفهومها وقوع الجناح على الكافرين فيما طعموه، وكذلك قوله-تعالى- ‏:‏ ‏{‏قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة‏}‏ فإن قوله ‏:‏ ‏{‏قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا‏}‏ دليل على أن غير المؤمن ليس له حق في أن يستمتع بها في الدنيا‏.‏ أقول ‏:‏ ليس له حق شرعي ، أما الحق بالنظر إلى الأمر الكوني وهو أن الله - سبحانه وتعالى- خلقها وانتفع بها هذا الكافر فهذا أمر لا يمكن إنكاره، فهذا دليل على أن الكافر يحاسب حتى على ما أكل من المباحات وما لبس ، وكما أن هذا مقتضى الأثر فإنه مقتضى النظر، إذ كيف يحق لهذا الكافر العاصي لله الذي لا يؤمن به كيف يحق له عقلاً أن يستمتع بما خلقه الله عز وجل وما أنعم الله به على عباده ، وإذ تبين لك هذا فإن الكافر يحاسب يوم القيامة على عمله ، ولكن حساب الكافر يوم القيامة ليس كحساب المؤمن لأن المؤمن يحاسب حساباً يسيراً يخلو به الرب عز وجل ويقرره بذنوبه حتى يعترف ثم يقول‏:‏له سبحانه وتعالى-‏:‏ ‏(‏قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم‏)‏ أما الكافر والعياذ بالله فإن حسابه أن يقرر بذنوبه ويخزى بها على رؤوس الأشهاد‏:‏ ‏{‏ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين‏}‏ ‏.‏
هل يوم الحساب يوم واحد‏؟‏
‏(‏ 165‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل يوم الحساب يوم واحد‏؟‏
فأجاب قائلاً‏:‏يوم الحساب يوم واحد ولكنه يوم مقداره خمسون ألف سنة كما قال الله -تعالى-‏:‏ ‏{‏سأل سائل بعذاب واقع ‏.‏ للكافرين ليس له دافع ‏.‏ من الله ذي المعارج ‏.‏ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة‏}‏ أي إن هذا العذاب يقع للكافرين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال‏:‏ ‏(‏ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه، وجبينه ، وظهره ، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد‏)‏ وهذا اليوم الطويل هو يوم عسير على الكافرين كما قال- تعالى -‏:‏ ‏{‏وكان يوماً على الكافرين عسيراً‏}‏ وقال -تعالى-‏:‏ ‏{‏فذلك يومئذ يوم عسير‏.‏ على الكافرين غير يسير‏}‏ ومفهوم هاتين الآيتين أنه على المؤمن يسير وهو كذلك ، فهذا اليوم الطويل بما فيه من الأهوال والأشياء العظيمة ييسره الله -تعالى - على المؤمن ، ويكون عسيراً على الكافر‏.‏ وأسأل الله - تعالى - أن يجعلني وإخواني المسلمين ممن يسره الله عليهم يوم القيامة‏.‏
والتفكير والتعمق في مثل هذه الأمور الغيبية هو من التنطع الذي قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيه ‏:‏ ‏(‏هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون‏)‏ ‏.‏ ووظيفة الإنسان في هذه الأمور الغيبية التسليم وأخذ الأمور على ظاهر معناها دون أن يتعمق أو يحاول القياس بينها وبين الأمور في الدنيا ، فإن أمور الآخرة ليست كأمور الدنيا ، وإن كانت تشبهها في أصل المعنى وتشاركها في ذلك ، لكن بينهما فرق عظيم ، وأضرب لك مثلاً بما ذكره الله - سبحانه وتعالى - في الجنة من النخل ، والرمان ، والفاكهة ، ولحم الطير ، والعسل والماء واللبن ، والخمر وما أشبه ذلك مع قوله - عز وجل -‏:‏ ‏{‏فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون‏}‏ ‏.‏ وقوله في الحديث القدسي ‏:‏ ‏(‏أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر‏)‏ فهذه الأسماء التي لها مسميات بها في هذه الدنيا لا تعني أن المسمى كالمسمى وإن اشتركا في الاسم وفي أصل المعنى ، فكل الأمور الغيبية التي تشارك ما يشاهد في الدنيا في أصل المعنى لا تكون مماثلة له في الحقيقة ، فينبغي للإنسان أن ينتبه لهذه القاعدة وأن يأخذ أمور الغيب بالتسليم على ما يقتضيه ظاهرها من المعنى وألا يحاول شيئاً وراء ذلك‏.‏
ولهذا لما سئل الإمام مالك - رحمه الله -عن قول الله تعالى - ‏:‏ ‏{‏الرحمن على العرش استوى‏}‏ كيف استوى ‏؟‏ أطرق -رحمه الله-برأسه حتى علاه الرحضاء - أي العرق -وصار يتصبب عرقاً وذلك لعظم السؤال في نفسه ثم رفع رأسه وقال قولته الشهيرة التي كانت ميزاناً لجميع ما وصف الله به نفسه - رحمه الله -‏:‏ ‏"‏الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة‏"‏ أ هـ ‏.‏
فالسؤال المتعمق في مثل هذه الأمور بدعة لأن الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أشد منا حرصاً على العلم وعلى الخير لم يسألوا النبي ، صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسئلة وكفى بهم قدوة، وما قلته الآن بالنسبة لليوم الآخر يجرى بالنسبة لصفات الله -عز وجل - التي وصف بها نفسه من العلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والكلام وغير ذلك فإن مسميات هذه الألفاظ بالنسبة إلى الله - عز وجل - لا يماثلها شيء مما يشاركها في هذا الاسم بالنسبة للإنسان ، فكل صفة فإنها تابعة لموصوفها فكما أن الله - سبحانه وتعالى - لا مثيل له في ذاته فلا مثيل له في صفاته‏.‏
وخلاصة الجواب‏:‏ أن اليوم الآخر يوم واحد وأنه عسير على الكافرين ويسير على المؤمنين، وأن ما ورد فيه من أنواع الثواب والعقاب أمر لا يدرك كنهه في هذه الحياة الدنيا وإن كان أصل المعنى فيه معلوماً لنا في هذه الحياة الدنيا‏.‏
كيف نجمع بين قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه بشماله‏}‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه وراء ظهره‏}‏ ‏؟‏
‏(‏166‏)‏ سئل الشيخ ‏:‏ كيف نجمع بين قول الله - تعالى-‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه بشماله‏}‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه وراء ظهره‏}‏ فأجاب قائلاً‏:‏ الجمع بينهما أن يقال‏:‏ يأخذه بشماله لكن تخلع الشمال إلى الخلف من وراء ظهره ، والجزاء من جنس العمل فكما أن هذا الرجل جعل كتاب الله وراء ظهره ، أعطي كتابه يوم القيامة من وراء ظهره جزاءً وفاقاً‏.‏
كيف نجمع بين القول القاضي بأن الذي يوزن يوم القيامة هو العمل وقول النبي صلى الله عليه وسلم، عندما انكشفت ساق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏والله إنها لأثقل في الميزان من جبل أحد‏)‏‏؟‏
‏(‏167‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ -جزاه الله خيراً - ‏:‏ كيف نجمع بين القول القاضي بأن الذي يوزن يوم القيامة هو العمل وقول النبي صلى الله عليه وسلم، عندما انكشفت ساق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏والله إنها لأثقل في الميزان من جبل أحد‏)‏‏؟‏
فأجاب قائلاً ‏:‏ الجواب على هذا أن يقال ‏:‏ إما أن يكون هذا خاصاً بعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- ، أو يقال ‏:‏إن بعض الناس يوزن عمله وبعض الناس يوزن بدنه ، أو يقال‏:‏ إن الإنسان إذا وزن فإنما يثقل ويرجح بحسب عمله والله أعلم‏.‏
هل الميزان واحد أو متعدد‏؟‏
‏(‏ 168‏)‏ سئل الشيخ‏:‏ هل الميزان واحد أو متعدد‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏ اختلف العلماء في الميزان هل هو واحد أو متعدد على قولين، وذلك لأن النصوص جاءت بالنسبة للميزان مرة بالإفراد، ومرة بالجمع مثال الجمع قوله -تعالى‏:‏ ‏{‏ونضع الموازين القسط‏}‏ وكذلك في قوله ‏:‏ ‏{‏فمن ثقلت موازينه‏}‏ ومثال الإفراد قوله ، صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان‏) ‏.‏
فقال بعض العلماء ‏:‏ إن الميزان واحد وإنه جمع باعتبار الموزون ، أو باعتبار الأمم ، فهذا الميزان توزن به أعمال أمة محمد ، وأعمال أمة موسى ، وأعمال أمة عيسى ، وهكذا فجمع الميزان باعتبار تعدد الأمم‏.‏ والذين قالوا‏:‏إنه متعدد بذاته قالوا‏:‏ لأن هذا هو الأصل في التعدد ، ومن الجائز أن الله -تعالى- يجعل لكل أمة ميزاناً، أو يجعل للفرائض ميزاناً، وللنوافل ميزاناً‏.‏
والذي يظهر والله أعلم أن الميزان واحد ، لكنه متعدد باعتبار الموزون‏.‏
كيف توزن الأعمال وهي أوصاف للعاملين‏؟‏
‏(‏ 169‏)‏ سئل فضيلة الشيخ ‏:‏ كيف توزن الأعمال وهي أوصاف للعاملين‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏القاعدة في ذلك كما أسلفنا أن علينا أن نسلم ونقبل ولا حاجة لأن نقول‏:‏كيف‏؟‏ ولم‏؟‏ ومع ذلك فإن العلماء رحمهم الله قالوا في جواب هذا السؤال ‏:‏ إن الأعمال تقلب أعياناً فيكون لها جسم يوضع في الكفة فيرجح أو يخف ، وضربوا لذلك مثلاً بما صح به الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ‏:‏(‏أن الموت يجعل يوم القيامة على صورة كبش فينادى أهل الجنة ، يا أهل الجنة فيطلعون ويشرئبون ‏.‏ وينادى يا أهل النار فيطلعون ويشرئبون ما الذي حدث ‏؟‏ فيؤتي بالموت على صورة كبش فيقال ‏:‏ هل تعرفون هذا فيقولون‏:‏ نعم هذا الموت فيذبح الموت بين الجنة والنار فيقال‏:‏ يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت‏)‏ ‏.‏ ونحن نعلم جميعاً أن الموت صفة ولكن الله -تعالى -يجعله عيناً قائماً بنفسه وهكذا الأعمال تجعل أعياناً فتوزن والله أعلم‏.‏
ما هي الشفاعة ‏؟‏ وما أقسامها‏؟‏
‏(‏ 170‏)‏ سئل فضيلة الشيخ ‏:‏ عن الشفاعة ‏؟‏ وأقسامها‏؟‏
فأجاب‏:‏ الشفاعة‏:‏ مأخوذة من الشفع ، وهو ضد الوتر، وهو جعل الوتر شفعاً مثل أن تجعل الواحد اثنين ، والثلاثة أربعة ، وهكذا هذا من حيث اللغة‏.‏
أما في الاصطلاح ‏:‏ فهي ‏"‏التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة‏"‏ يعني أن يكون الشافع بين المشفوع إليه، والمشفوع له واسطة لجلب منفعة إلى المشفوع له ، أو يدفع عنه مضرة‏.‏
والشفاعة نوعان‏:‏
النوع الأول‏:‏ شفاعة ثابتة صحيحة ، وهي التي أثبتها الله - تعالى - في كتابه ، أو أثبتها رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص ؛ لأن أبا هريرة -رضي الله عنه - قال‏:‏ يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك‏؟‏ قال ‏:‏ ‏(‏من قال ‏:‏ لا إله إلا الله خالصاً من قلبه‏)‏ ‏.‏
وهذه الشفاعة لها شروط ثلاثة‏:‏
الشرط الأول‏:‏ رضا الله عن الشافع‏.‏
الشرط الثاني‏:‏ رضا الله عن المشفوع له‏.‏
الشرط الثالث‏:‏ إذن الله-تعالى للشافع أن يشفع‏.‏
وهذه الشروط مجملة في قوله تعالى-‏:‏ ‏{‏وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى‏}‏ ومفصلة في قوله‏:‏ ‏{‏من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً‏}‏ ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ولا يشفعون إلا لمن ارتضى‏}‏‏.‏ فلا بد من هذه الشروط الثلاثة حتى تتحقق الشفاعة‏.‏
ثم إن الشفاعة الثابتة ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى - أنها تنقسم إلى قسمين‏:‏
القسم الأول‏:‏ الشفاعة العامة ، ومعنى العموم أن الله -سبحانه وتعالى - يأذن لمن شاء من عباده الصالحين أن يشفعوا لمن أذن الله لهم بالشفاعة فيهم ، وهذه الشفاعة ثابتة للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولغيره من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وهي أن يشفع في أهل النار من عصاة المؤمنين أن يخرجوا من النار‏.‏
القسم الثاني‏:‏ الشفاعة الخاصة ‏:‏ التي تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأعظمها الشفاعة العظمى التي تكون يوم القيامة، حين يلحق الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيطلبون من يشفع لهم إلى الله - عز وجل - أن يريحهم من هذا الموقف العظيم فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى وكلهم لا يشفع حتى تنتهي إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيقوم ويشفع عند الله -عز وجل- أن يخلص عباده من هذا الموقف العظيم ، فيجيب الله - تعالى - دعاءه ، ويقبل شفاعته ، وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله - تعالى - به في قوله ‏:‏‏{‏ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً‏}
ومن الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة ، فإن أهل الجنة إذا عبروا الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فتمحص قلوب بعضهم من بعض حتى يهذبوا وينقوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة فتفتح أبواب الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
النوع الثاني‏:‏ الشفاعة الباطلة التي لا تنفع أصحابها ، وهي ما يدعيه المشركون من شفاعة آلهتهم لهم عند الله - عز وجل - فإن هذه الشفاعة لا تنفعهم كما قال الله - تعالى ‏:‏ ‏{‏فما تنفعهم شفاعة الشافعين‏}‏ وذلك لأن الله تعالى لا يرضى لهؤلاء المشركين شركهم، ولا يمكن أن يأذن بالشفاعة لهم ؛ لأنه لا شفاعة إلا لمن ارتضاه الله - عز وجل - والله لا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد ، فتعلق المشركين بآلهتهم يعبدونها ويقولون ‏:‏ ‏{‏هؤلاء شفعاؤنا عند الله‏}‏ تعلق باطل غير نافع، بل هذا لا يزيدهم من الله - تعالى- إلا بعداً على أن المشركين يرجون شفاعة أصنامهم بوسيلة باطلة وهي عبادة هذه الأصنام ، وهذا من سفههم أن يحاولوا التقرب إلى الله - تعالى -بما لا يزيدهم منه إلا بعداً‏.‏
ما معنى ما ورد في الحديث أن الله عز وجل قبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط‏؟‏
‏(‏171‏)‏ وسئل -حفظه الله عن ‏:‏ قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ‏:‏ (‏يقول الله - تعالى-‏:‏ شفعت الملائكة وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط‏)‏ ‏.‏ رواه مسلم ، ما معنى قوله ‏:‏ ‏(‏لم يعملوا خيراً قط‏)‏ ‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله ‏:‏ معنى قوله ‏:‏ ‏(‏لم يعملوا خيراً قط‏)‏ أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة ، لكن الإيمان قد وقر في قلوبهم ، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط ‏.‏
وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر كالصلاة مثلاً فإن من لم يصل فهو كافر ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله ، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة وهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين والعياذ بالله فالمهم أن هذا الحديث إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل فماتوا فور إيمانهم فما عملوا خيراً قط‏.‏
وإما أن يكون هذا عاماً ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لا بد أن يعمل كالصلاة فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار‏.‏
ما هو مصير أهل الفترة‏؟‏
‏(‏ 172‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن مصير أهل الفترة‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏ الصحيح أن أهل الفترة قسمان ‏:‏
القسم الأول ‏:‏ من قامت عليه الحجة وعرف الحق ، لكنه اتبع ما وجد عليه آباءه ، وهذا لا عذر له فيكون من أهل النار‏.‏
القسم الثاني‏:‏ من لم تقم عليه الحجة فإن أمره لله - عز وجل - ‏.‏ ولا نعلم عن مصيره وهذا ما لم ينص الشرع عليه ‏.‏ أما من ثبت أنه في النار بمقتضى دليل صحيح فهو في النار‏.‏
ما مصير أطفال المؤمنين ، وأطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ‏؟‏
‏(‏ 173‏)‏ وسئل ‏:‏ عن مصير أطفال المؤمنين ، وأطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ‏؟‏
فأجاب فضيلته قائلاً‏:‏مصير أطفال المؤمنين الجنة،لأنهم تبع لآبائهم قال - تعالى- ‏:‏ ‏{‏والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين‏}
وأما أطفال غير المؤمنين يعني الطفل الذي نشأ من أبوين غير مسلمين فأصح الأقوال فيهم أن نقول الله أعلم بما كانوا عاملين فهم في أحكام الدنيا بمنزلة آبائهم ،أما في أحكام الآخرة فإن الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم بمصيرهم هذا ما نقوله ، وهو في الحقيقة أمر لا يعنينا كثيراً إنما الذي يعنينا هو حكمهم في الدنيا وأحكامهم في الدنيا - أعني أولاد المشركين - أحكامهم في الدنيا أنهم كالمشركين لا يغسلون، ولا يكفنون ، ولا يصلى عليهم ، ولا يدفنون في مقابر المسلمين ‏.‏ والله أعلم‏.‏
إذا كانت الجنة عرضها كعرض السموات والأرض فأين تكون النار‏؟‏
‏(‏ 174‏)‏ وسئل فضيلته ‏:‏ إذا كانت الجنة عرضها كعرض السموات والأرض فأين تكون النار في هذا الكون الذي ليس فيه إلا السموات والأرض‏؟‏
فقال حفظه الله تعالى ‏:‏ قبل الجواب على هذا يجب أن نقدم مقدمة وهي أن ما جاء في كتاب الله وما صح عن رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فإنه حق ولا يمكن أن يخالف الأمر الواقع ، فإن الأمر الواقع المحسوس لا يمكن إنكاره ، ومادل عليه الكتاب والسنة فإنه حق لا يمكن إنكاره ، ولا يمكن تعارض حقين على وجه لا يمكن الجمع بينهما ، وقد ثبت في القرآن أن الجنة عرضها كعرض السماء والأرض قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض‏}‏‏.‏ وفي الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏عرضها السموات والأرض‏}‏‏.‏ وهذا حق بلا ريب ، وفي مسند الإمام أحمد أن هرقل كتب للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال‏:‏ إذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض فأين تكون النار‏؟‏ فقال ‏:‏ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إذا جاء الليل فأين يكون النهار‏)‏ فإن صح هذا الحديث فوجهه أن السموات والأرض في مكانهما والجنة في مكانها في أعلى عليين كما أن النهار في مكان والليل في مكان ، وإن لم يصح الحديث فإن في كون الجنة عرضها السموات والأرض لا يعني أنها قد ملأتهما ولكن يعني أن الجنة عظيمة السعة عرضها كعرض السموات والأرض‏.‏
ثم إن قول السائل ‏:‏ ‏"‏إن هذا الكون ليس فيه إلا السموات والأرض‏"‏ ليس بصحيح فهذا الكون فيه السموات والأرض ، وفيه الكرسي والعرش وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول بعد رفعه من ركوعه ‏:‏ ‏(‏ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد‏)‏ فهناك عالم غير السموات والأرض لا يعلمه إلا الله، كذلك نحن نعلم منه ما علمنا الله-تعالى - مثل العرش والكرسي ، والعرش هو أعلى المخلوقات والله - سبحانه وتعالى - قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته‏.‏
فهناك عالم غير السموات والأرض لا يعلمه إلا الله، كذلك نحن نعلم منه ما علمنا الله تعالى - مثل العرش والكرسي ، والعرش هو أعلى المخلوقات والله - سبحانه وتعالى - قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته‏.‏
ما الجنة التي أسكنها الله - عز وجل - آدم وزوجه‏؟‏
‏(‏ 175‏)‏ وسئل‏:‏ ما الجنة التي أسكنها الله - عز وجل - آدم وزوجه‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ الصواب أن الجنة التي أسكنها الله- تعالى - آدم وزوجه هي الجنة التي وعد المتقون لأن الله - تعالى - يقول لآدم ‏:‏ ‏{‏اسكن أنت وزوجك الجنة‏}‏ والجنة عند الإطلاق هي جنة الخلد التي في السماء ، ولهذا ثبت في الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن آدم وموسى تحاجا فقال له موسى ‏:‏ ‏(‏لم أخرجتنا ونفسك من الجنة‏؟‏‏)‏ ‏.‏ والله أعلم‏.‏
ذكر للرجال الحور العين في الجنة فما للنساء‏؟‏
‏(‏ 176‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ ‏:‏ ذكر للرجال الحور العين في الجنة فما للنساء‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ يقول الله - تبارك وتعالى - في نعيم أهل الجنة ‏:‏ ‏{‏ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ‏.‏ نزلاً من غفور رحيم‏}‏ ويقول - تعالى - ‏:‏ ‏{‏وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون‏}
ومن المعلوم أن الزواج من أبلغ ما تشتهيه النفوس فهو حاصل في الجنة لأهل الجنة ذكوراً كانوا أم إناثاً ، فالمرأة يزوجها الله - تبارك وتعالى - في الجنة بزوجها الذي كان زوجاً لها في الدنيا كما قال الله - تبارك وتعالى - ‏:‏ ‏{‏ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم‏}‏ ‏.‏
إذا كانت المرأة من أهل الجنة ولم تتزوج في الدنيا أو تزوجت ولم يدخل زوجها الجنة فمن يكون لها‏؟‏
‏(‏177‏)‏وسئل - رعاه الله بمنه وكرمه -‏:‏ إذا كانت المرأة من أهل الجنة ولم تتزوج في الدنيا أو تزوجت ولم يدخل زوجها الجنة فمن يكون لها‏؟‏
فأجاب قائلاً ‏:‏ الجواب يؤخذ من عموم قوله - تعالى ‏:‏ ‏{‏ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ‏.‏ نزلاً من غفور رحيم‏}‏ ومن قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الاعين وأنتم فيها خالدون‏}‏ فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج أو كان زوجها ليس من أهل الجنة فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال وهم ـ أعني من لم يتزوجوا من الرجال - لهم زوجات من الحور ولهم زوجات من أهل الدنيا إذا شاؤوا واشتهت ذلك أنفسهم ، وكذلك نقول بالنسبة للمرأة إذا لم تكن ذات زوج ، أو كانت ذات زوج في الدنيا ولكنه لم يدخل معها الجنة ‏:‏ إنها إذا اشتهت أن تتزوج فلا بد أن يكون لها ما تشتهيه لعموم هذه الآيات‏.‏
ولا يحضرني الآن نص خاص في هذه المسألة والعلم عند الله -تعالى-‏.‏
إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما‏؟‏ ولماذا ذكر الله الزوجات للرجال ولم يذكر الأزواج للنساء‏؟‏
‏(‏ 178‏)‏ وسئل فضيلته‏:‏ إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما‏؟‏ ولماذا ذكر الله الزوجات للرجال ولم يذكر الأزواج للنساء‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فإنها تخير بينهما يوم القيامة في الجنة، وإذا لم تتزوج في الدنيا فإن الله - تعالى - يزوجها ما تقر به عينها في الجنة ، فالنعيم في الجنة ليس مقصوراً على الذكور وإنما هو للذكور والإناث ومن جملة النعيم الزواج‏.‏
وقول السائل ‏:‏ ‏"‏إن الله تعالى ذكر الحور العين وهن زوجات ولم يذكر للنساء أزواجاً‏"‏ ‏.‏
فنقول‏:‏ إنما ذكر الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج بل لهن أزواج من بني آدم‏.‏
‏(‏ 179‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ كيف رأى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار ليلة الإسراء والمعراج مع أن الساعة لم تقم بعد‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أخبرنا بذلك وأنه رأى الجنة والنار ، ورأى أقواماً يعذبون وأقواماً ينعمون ، والله أعلم بكيفية ذلك لأن أمور الغيب لا يدركها الحس فمثل هذه الأمور إذا جاءت يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت وأن لا نتعرض لطلب الكيفية ‏.‏
ولم ‏؟‏ لأن عقولنا أقصر وأدنى من أن تدرك هذا الأمر فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور لا يمكن إدراكها بالعقل ، أخبر ، صلى الله عليه وسلم ، بأن الله عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة ومعلوم الآن أن ثلث الليل يدور على الكرة الأرضية فإذا انتقل من جهة حل في جهة أخرى فقد تقول ‏:‏ كيف ذلك ‏؟‏ فنقول عليك أن تؤمن بما أخبرك به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا تقل ‏:‏ كيف ‏؟‏ لأن عقلك أدنى وأقصر من أن يحيط بمثل هذه الأمور الغيبية فعلينا أن نستسلم ولا نقول ‏:‏ كيف‏؟‏ ولم‏؟‏ ولهذا قال بعض العلماء كلمة نافعة قال‏:‏ ‏"‏قل ‏:‏ بم أمر الله ‏؟‏ ولا تقل ‏:‏ لم أمر الله‏؟‏‏"‏ والله ولي التوفيق‏.‏
هل الجنة والنار موجودتان الآن‏؟‏
‏(‏180‏)‏ سئل فضيلة الشيخ - أعلى الله درجته- ‏:‏ هل الجنة والنار موجودتان الآن‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ نعم الجنة والنار موجودتان الآن ودليل ذلك من الكتاب والسنة‏.‏
أما الكتاب فقال الله - تعالى - في النار ‏:‏ ‏{‏واتقوا النار التي أعدت للكافرين‏}‏ والإعداد بمعنى التهيئة ، وفي الجنة قال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين‏}‏ والإعداد أيضاً التهيئة‏.‏
وأما السنة فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة كسوف الشمس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قام يصلي ، فعرضت عليه الجنة والنار، وشاهد الجنة حتى هم أن يتناول منها عنقوداً ، ثم بدا له أن لا يفعل عليه الصلاة والسلام، وشاهد النار، ورأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار -والعياذ بالله - يعني أمعاءه قد اندلقت من بطنه فهو يجرها في النار ؛ لأن الرجل أول من أدخل الشرك على العرب، فكان له كفل من العذاب الذي يصيب من بعده، ورأى امرأة تعذب في النار في هرة حبستها حتى ماتت فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض ، فدل ذلك على أن الجنة والنار موجودتان الآن‏.‏
هل النار مؤبدة أو تفنى‏؟‏
‏(‏ 181‏)‏ وسئل فضيلته ‏:‏ هل النار مؤبدة أو تفنى‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏ المتعين قطعاً أنها مؤبدة ولا يكاد يعرف عند السلف سوى هذا القول ، ولهذا جعله العلماء من عقائدهم، بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبدة أبد الآبدين ، وهذا الأمر لا شك فيه ؛ لأن الله -تعالى- ذكر التأبيد في ثلاثة مواضع من القرآن‏:‏
والثالث‏:‏ في سورة الجن ‏{‏ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدًا‏}‏‏.‏ ولو ذكر الله عز وجل التأبيد في موضع واحد لكفى ، فكيف وهو قد ذكره في ثلاثة مواضع ‏؟‏ ومن العجب أن فئة قليلة من العلماء ذهبوا إلى أنها تفنى بناء على علل عليلة لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسنة وحرفوا من أجلها الكتاب والسنة فقالوا‏:‏ إن ‏"‏خالدين فيها أبداً ‏"‏ ما دامت موجودة فكيف هذا ‏؟‏
إذا كانوا خالدين فيها أبداً ، لزم أن تكون هي مؤبدة ‏"‏فيها‏"‏ هم كائنون فيها وإذا كان الإنسان خالداً مؤبداً تخليده ، لزم أن يكون مكان الخلود مؤبداً ؛ لأنه لو فني مكان الخلود ما صح تأبيد الخلود ، والآية واضحة جداً والتعليلات الباردة المخالفة للنص مردودة على صاحبها ، وهذا الخلاف الذي ذكر عن فئة قليلة من أهل العلم خلاف مطرح لأنه مخالف للنص الصريح الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقده ، ومن خالفه لشبهة قامت عنده فيعذر عند الله ، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف أن القول بتأبيدها هو الحق الذي لا يحق العدول عنه‏.‏
والحكمة تقتضي ذلك لأن هذا الكافر أفنى عمره كل عمره في محاربة الله عز وجل ومعصية الله والكفر به وتكذيب رسله مع أنه جاءه النذير وأعذر وبين له الحق ، ودعي إليه ، وقوتل عليه وأصر على الكفر والباطل فكيف نقول ‏:‏ إن هذا لا يؤبد عذابه ‏؟‏ والآيات في هذا صريحة كما تقدم‏.‏

باب ما جَاءَ في صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْض


1580- باب ما جَاءَ في صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْض

2492- حَدّثنا مُحمّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ، أخبرنا يَحْيَى بنُ صَالحٍ، أَخْبَرنَا مُحمّدُ بنُ مُهَاجِرٍ، عن العَبّاسِ، عن أَبي سَلاّمِ الْحُبْشِيّ قالَ‏:‏ بَعَثَ إِلَيّ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الَعَزِيزِ فَحُمِلْتُ عَلَى البَرِيدِ، قال‏:‏ فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ قالَ‏:‏ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَقَدْ شَقّ عَلَيّ مَرْكَبِي البَرِيدَ‏.‏ فَقَالَ‏:‏ يَا أَبَا سَلاّمٍ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَشُقّ عَلَيْكَ وَلَكِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ تُحدّثُهُ عن ثَوْبَانَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الْحَوْضِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُشَافِهَنِي به‏.‏ قالَ أَبُو سَلاّمِ‏:‏ حدثني ثَوْبَانُ، عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏حَوْضِي من عَدَنٍ إِلَى عَمّانَ البَلْقَاءِ، مَاؤُهُ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ اللّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَكْوَابُهُ عَدَدُ نُجُومِ السّمَاءِ‏.‏ مَنْ شَرَبَ مِنْهُ شَرْبَةً، لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً‏.‏ أَوّلُ النّاسِ وُرُوداً عَلَيْهِ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ الشّعْتُ رُؤوساً، الدّنْسُ ثِيَاباً، الّذِينَ لاَ يَنْكِحُونَ المُتَنَعّمَاتِ وَلاَ يُفْتَحُ لَهُمْ السّدَدُ‏"‏‏.‏ قالَ عُمَرُ‏:‏ وَلَكِنّي نَكَحْتُ المُتَنَعّمَاتِ وَفُتِحَتْ لِي السّدَدُ‏.‏ نَكَحْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ المَلِكِ لاَ جَرَمَ أَنّي لاَ أَغْسِلُ رَأْسِيَ حَتّى يَشْعَثَ، وَلاَ أَغْسِلُ ثَوْبِيَ الّذِي يَلِي جَسَدِي حَتّى يَتّسِخَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ غريبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ، عن مَعْدَانَ بنِ أَبي طَلْحَةَ، عن ثَوْبَانَ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ وَأَبُو سَلاّمٍ الْحُبْشِيّ اسْمُهُ مَمْطُورٌ وَهُوَ شَاميٌ ثقة‏.‏

2493- حدّثنا محمدُ بنُ بَشّارٍ، أَخْبَرنَا أَبُو عَبْدِ الصّمَدِ العَمّيّ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الصّمَدِ، أخبرنا أَبُو عِمرَانَ الْجَوْنِيّ عن عَبْدِ الله بنِ الصّامِتِ، عن أَبي ذَرٍ قالَ‏:‏ ‏"‏قُلْتُ يَا رَسُولَ الله‏:‏ مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ‏؟‏ قالَ‏:‏ ‏"‏وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ مُصْحِيَةٍ مِنْ آنِيَةِ الجَنّةِ، مَنْ شَرِبَ شربةً مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ‏.‏ آخِرُ مَا عَلَيْهُ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ، مَا بَيْنَ عَمّانَ إِلَى أَيْلَةَ‏.‏ مَاؤُهُ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ الّلبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ‏.‏ وفي البابِ عن حُذَيْفَةَ بنِ الْيمَانِ وَعَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو وَأَبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيّ وَابنِ عُمَرَ وَحَارِثَةَ بنِ وَهْبٍ وَالمُسْتَوْرِدِ بنِ شَدّادٍ‏.‏ وَرُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏حَوْضِي كَمَا بَيْنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ‏"‏‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن إسماعيل‏)‏ هو الإمام البخاري ‏(‏حدثنا يحيى ين صالح‏)‏ الوحاظي بضم الواو وتخفيف المهملة ثم معجمة الحمصي، صدوق بن أهل الرأي من صغار التاسعة ‏(‏أخبرنا محمد بن مهاجر‏)‏ الأنصاري الشامي أخو عمرو ثقة من السابعة ‏(‏عن العباس‏)‏ هو ابن سالم اللخمي الدمشقي ثقة ‏(‏عن أبي سلام‏)‏ بتشديد اللام ‏(‏الحبشي‏)‏ بضم الحاء المهملة وسكون الموحدة منسوب إلى حبش حي من اليمن كذا في المغنى لصاحب مجمع البحار واسمه ممطور الأسود ثقة يرسل من الثالثة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فحملت‏)‏ بصيغة المجهول ‏(‏على البريد‏)‏ قال في النهاية‏:‏ البريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل وأصلها بريد دم، أي محذوف الذنب، لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها فأعربت وخففت ثم سمى الرسول الذي يركبه بريد انتهى‏.‏ قلت والمراد هنا معناه الأصلي ‏(‏فأحببت أن تشافهني به‏)‏ أي تحدثني به مشافهة، وأسمعه منك من غير واسطة ‏(‏قال حوضي من عدن‏)‏ بفتحتين‏:‏ بلد مشهور على ساحل البحر في أواخر سواحل اليمن وأوائل سواحل بالهن، وهي تسامت صنعاء وصنعاء في جهة الجبال ‏(‏إلى عمان البلقان‏)‏ بضم العين وخفة الميم قرية باليمن لا بفتحها وشد الميم فإنها قرية بالشام، وقيل بل هي المرادة كذا في التيسير‏.‏ وقال الحافظ‏:‏ عمان هذه بفتح المهملة وتشديد الميم للأكثر وحكى تخفيفها وتنسب إلى اللقاء لقرءها فها والبلقاء بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها قاف وبالمد بلد معروفة من فلسطين ‏(‏وأحلى من العسل‏)‏ أي الذمنه ‏(‏وأكوابه‏)‏ جمع كوب وهو الكوز الذي لا عروة له على ما في الشروح، أو لا خرطوم‏.‏ على ما في القاموس ‏(‏عدد نجوم السماء‏)‏ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي عدد أكوابه عدد نجوم السماء ‏(‏أول الناس ورواداً عليه‏)‏ أي على الحوض ‏(‏فقراء المهاجرين‏)‏ المراد من المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وهو صلى الله عليه وسلم سيدهم ‏(‏الشعت‏)‏ بضم الشين المعجمة بضم وسكون العين المهملة جمع أشعت بالمثلثة أي المقفرقو الشعر ‏(‏رؤوساً‏)‏ تمييز ‏(‏الدنس‏)‏ بضم المهملة والنون وقد يسكن الدنس وهو الوسخ ‏(‏الذين لا ينكحون‏)‏ بفتح الياء وكسر الكاف أي الذين لا يتزوجون ‏(‏المتنعمات‏)‏ بكسر العين من التنعم، وقيل هو بضم التحتية وفتح الكاف بصيغة المجهول أي لو خطبوا المتنعمات من النساء لم يجابوا ‏(‏ولا يفتح لهم السدد‏)‏ بضم السين وفتح الدال الأولى المهملتين جمع سدة وهي باب الدار، سمى بذلك لأن المدخل يسد به‏.‏ والمعنى‏:‏ لو دقوا الأبواب واستأذنوا الدخول لم يفتح لهم ولم يؤذن ‏(‏قال عمر‏)‏ أي ابن عبد العزيز ‏(‏لكني نكحت المتنعمات‏)‏ وفي رواية ابن ماجه قال فبكى عمر حتى اخضلت لحيته ثم قال‏:‏ لكني قد نكحت الخ وقد كان نكح فاطمة بنت عبد الملك وهي بنت الخليفة وجدها خليفة وهو مروان وإخواتها الأربعة سليمان ويزيد وهشام ووليد خلفاء وزوجها خليفة، فهذا من الغرائب وفيها قال الشاعر‏:‏

بنت الخليفة جدها خليفة *** زوج الخليفة أخت الخلائف

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو عبد الصمد العمي عبد العزيز بن عبد الصمد‏)‏ البصري ثقة حافظ من كبار التاسعة ‏(‏أخبرنا أبو عمران الجوني‏)‏ اسمه عبد الملك بن حبيب الأزدي أو الكندي، مشهور بكنيته، ثقة من الرابعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما آنيه الحوض‏)‏ أي كم عددها ‏(‏في ليلة مظلمة مصحية‏)‏ أي لا غيم فيها ولا سحاب من أصحت السماء أي انكشف عنها الغيم ‏(‏لم يظمأ آخر ما عليه‏)‏ أي من الظمأ وقوله آخر بالنصب والرفع وهذا كما في حديث الإسراء هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم قال العيني‏:‏ قوله أخر ما عليهم بالرفع والنصب فالنصب على الطرف والرفع على تقدير ذلك آخر ما عليهم من دخوله قال صاحب المطالع الرفع أجود انتهى ‏(‏عرضه مثل طوله‏)‏ وفي حديث عبد الله بن عمر وزواياه سواء وفيه رد على من جمع بين مختلف الأحاديث في تقدير مسافة الحوض على اختلاف العرض والطول ‏(‏ما بين عمان‏)‏ قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا اللفظ وعمان بضم المهملة وتخفيف الميم بلد على ساحل البحر من جهة البحرين انتهى ‏(‏إلى أيلة‏)‏ قال الحافظ‏:‏ أيلة مدينة كانت عامرة وهي بطرف بحر القلزم من طرف الشام وهي الاَن خراب يمر بها الحاج من مصر فتكون شماليهم ويمر بها الحاج من غزة فتكون أمامهم انتهى‏.‏

اعلم أنه قد اختلف في تقدير مسافة الحوض اختلافاً كثيراً فوقع في حديث ثوبان من عدن إلى عمان البلقاء، وفي حديث أبي ذر هذا‏:‏ ما بين عمان إلى أبلة وفي حديث أنس كما بين أيلة وسنعاء من اليمن‏.‏

قال الحافظ‏:‏ بعد ذكر عدة روايات مختلفة ما لفظه وهذه الروايات متقاربة لأنها كلها نحو شهر أو تزيد أو تنقص ووقع في روايات أخرى التحديد بما هو دون ذلك، فوقع في حديث عقبة بن عامر عند أحمد‏:‏ كما بين أيلة إلى الجحفة‏.‏ وفي حديث جابر كما بين صنعاء إلى المدينة، وفي حديث ثوبان ما بين عدن وعمان البلقاء، وذكر روايات أخرى ثم قال وهذه المسافات متقاربة، وكلها ترجع إلى نحو نصف شهر أو تزيد على ذلك قليلا أو تنقص، وأقل ما ورد في ذلك ما وقع عند مسلم في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أمامكم حوضاً كما بين جرباء وأذرع‏.‏ وزاد في رواية‏:‏ قال عبيد الله فسألته قال قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاثة أيام‏.‏ ثم قال وقد جمع العلماء بين هذا الاختلاف فقال عياض هذا من اختلاف التقدير لأن ذلك لم يقع في حديث واحد فيعد أضطراباً من الرواة وإنما جاء في أحاديث مختلفة من غير واحد من الصحابة سمعوه في مواطن مختلفة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب في كل منها مثلا لبعد أقطار الحوض وسمعته بما يسنح من العبارة ويقرب ذلك للعلم يبعد ما بين البلاد النائية بعضها من بعض لا على إرادة المسافة المخفقة قال فبهذا يجمع بين الألفاظ المختلفة من جهة المعنى‏.‏ انتهى ملخصاً، وفيه نظر من جهة أن ضرب المثل والتقدير إنما يكون فيما يتقارب وأما هذا الاختلاف المتباعد الذي يزيد تارة على ثلاثين يوماً وينقص إلى ثلاثة أيام فلا‏.‏

قال القرطبي‏:‏ من بعض القاصرين أن الاختلاف في قدر الحوض اضطرب او ليس كذلك ثم نقل كلام عياض وزاد‏:‏ وليس اختلافاً بل كلها تفيد أنه كبير متسع متباعد الجوانب ثم قال ولعل ذكره للجهات المختلفة يحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهة‏.‏ فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها‏.‏ وأجاب النووي ما حاصله أنه أخبر أولا بالمسافة اليسيرة ثم أعلم بالمسافة الطويلة فأخبر بها كأن الله تفضل عليه باتساعه شيئاً بعد شيء فيكون الاعتماد على ما يدل على أطولها مسافة وجمع غيره بين الاختلافين الأولين باختلاف السير البطيء، وهو بسير الأثقال والسير السريع، وهو يسير الراكب المخف، ويحمل رواية أقلها وهو الثلاث على سير البريد فقد عهد منهم من قطع مسافة الشهر في ثلاثة أيام ولو كان نادراً جداً وفي هذا الجواب عن المسافة الأخيرة نظر وهو فيما قبله مسلم وهو أولى ما يجمع به وقد تكلم الحافظ على رواية الثلاث، وإن شئت الوقوف عليه فارجع إلى الفتح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه مسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عمرو وأبي برزة الأسلمي وابن عمرو وحارثه بن وهب والمستورد بن شداد‏)‏ أما حديث حذيفة فأخرجه ابن ماجه، وأما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه الشيخان، وأما حديث أبي برزة الأسلمي فأخرجه الطبراني وابن حبان في صحيحه، كذا في الترغيب، وأما حديث ابن عمر فأخرجه أحمد والشيخان، وأما حديث ابن وهب وحديث المستورد بن شداد فلينظر من أخرجهما‏.‏



1581- باب

2494- حَدّثنا أَبُو حُصَيْنٍ عَبْدُ الله بنُ أَحْمَدَ بنِ يُونُسَ الكوفي، حدثنا عَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ حدثنا حُصَيْنٍ هُوَ ابنُ عَبْدِ الرحمنِ عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عن ابنِ عَبّاسٍ قالَ‏:‏ ‏"‏لَمّا أُسْرِيَ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَمُرّ بالنبيّ وَالنّبِيّينَ وَمَعَهُمْ القَوْمُ وَالنّبِيّ وَالنّبِيّينَ وَمَعَهُمْ الرّهْطُ وَالنبيّ وَالنّبِيّينَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ حَتّى مَرّ بِسَوَادٍ عَظِيمٍ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قِيلَ مُوسَى وَقَوْمُهُ وَلَكِنْ أَرْفَعْ رَأْسَكَ فانْظُرْ‏.‏ قالَ فَإِذَا هُوَ سَوَادٌ عَظِيمٌ قَدْ سَدّ الأُفُقَ مِنْ ذَا الْجَانِبِ وَمِنْ ذَا الْجَانِبِ، فَقِيلَ هؤُلاءِ أُمَتُكَ وَسِوَى هَؤُلاَءِ مِنْ أُمّتِكَ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَدَخَلَ وَلَمْ يَسْأَلُوهُ وَلَمْ يُفَسّرْ لَهُمْ‏.‏ فَقَالُوا نحْنُ هُمْ، وَقَالَ قَائِلُونَ هُمْ أَبْنَاؤنا الّذِينَ وُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالإِسْلاَمِ، فَخَرَجَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ‏:‏ هُمْ الّذِينَ لاَ يَكْتَوُونَ ولا يَسْتَرقون وَلاَ يَتَطَيّرُونَ وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَلُونَ‏.‏ فَقَامَ عُكَاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ‏:‏ أَنَا مِنْهُمْ يَا رَسُولَ الله‏؟‏ قالَ نَعَمْ‏.‏ ثُمّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ أَنَا مِنْهُمْ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏ وفي البابِ عن ابنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه‏.‏

2495- حَدّثنا محمّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ بَزيعٍ البَصْرِيُ، أخبرنا زِيَادُ بنُ الرّبِيعِ، أَخْبَرنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيّ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قالَ‏:‏ مَا أَعْرِفِ شَيْئاً مِمّا كُنّا عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقلت‏:‏ أَيْنَ الصّلاَةُ‏؟‏ قالَ‏:‏ أَوَ لَمْ تَصْنَعُوا في صَلاَتِكُمْ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ من حديث أَبي عمران الجَوْنِيّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عن أَنَسٍ‏.‏

2496- حدّثنا محمدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيّ البَصْرِيّ، أَخْبَرنَا عَبْدُ الصّمَدِ بنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، أَخْبَرنَا هَاشِمُ وهو ابنُ سَعِيدٍ الْكُوفِيّ، حدثني زَيْدُ الْخَثْعَمِيّ عن أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيّةِ قَالَتْ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ ‏"‏بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَخَيّلَ وَاخْتَالَ، وَنَسِيَ الكَبِيرَ المتَعَالَ‏.‏ وَبِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ تَجَبّرَ وَاعْتَدَى، وَنَسِيَ الْجَبّارَ الأَعْلَى‏.‏ بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ سَهَى وَلَهَى، وَنَسِيَ المَقَابِرَ وَالْبِلَى‏.‏ بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ عَتَا وَطَغَى، وَنَسِيَ المُبْتَدأَ وَالمُنْتَهَى‏.‏ بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ يَختِلُ الدّنْيَا بالدّينِ‏.‏ بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ يَخْتِلُ الدّينَ بالشّبُهَاتِ‏.‏ بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ طَمَعٌ يَقُودُهُ‏.‏ بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ هوَى يُضِلّهُ‏.‏ بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ رُغَبٌ يُذِلّهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ غريب لا نَعْرِفُهُ إِلاّ من هذا الْوَجْهِ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالقَوِيّ‏.‏

2497- حَدّثنا محمدُ بنُ حَاتِمٍ المؤدّبُ، أَخْبَرنَا عَمّارُ بنُ محمّدِ ابنِ أُخْتِ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ، أَخْبَرنَا أَبُو الْجَارُودِ الأَعْمَى وَاسْمُهُ زِيَادُ بنُ المُنْذِرِ الْهَمَدَانِيّ، عن عطِيّةَ العَوْفِيّ، عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أَيّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِناً عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنّةِ، وأَيّما مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِناً عَلَى ظَمَاءٍ سَقَاهُ الله يومَ القِيَامَةِ مِنَ الرّحِيقِ المختوم، وَأَيّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِناً عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ الله مِنْ خُضْرِ الْجَنّةِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ غريبٌ‏.‏ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا، عن عَطِيّةَ، عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ مَوْقُوف، وَهُوَ أَصَحّ عِنْدَنَا وَأَشْبَهُ‏.‏

2498- حدّثنا أَبُو بَكْرِ بنِ أَبي النّضْرِ، حَدّثَنا أَبُو النّضْرِ، حدثنا أَبُو عَقِيلٍ الثّقَفيّ، أَخْبَرنَا أَبُو فَرْوَةَ يَزِيدُ بنُ سِنَانٍ التّمِيمِيّ، حدثني بُكَيْرُ بنُ فَيْرُوزَ، قالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ أَلاَ إِنّ سِلْعَةَ الله غَالِيَةٌ أَلاَ إِنّ سِلْعَةَ الله الْجَنّةُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ أَبي النّضْرِ‏.‏

2499- حَدّثنا أَبُو بَكْرِ بنِ أَبي النّضْرِ، حدثنا أَبُو النّضْرِ، حَدّثَنِيْ أَبُو عَقِيلٍ الثقفي، عَبْدُ الله بنُ عَقِيلٍ، أخبرنا عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ، حدثني رَبِيعَةُ بنُ يَزِيدَ وَعَطِيّةُ بنُ قَيْسٍ عن عَطِيّةَ السّعْدِيّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ قالَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المتّقِينَ حَتّى يَدَعَ مَالاَ بَأْسَ بِهِ حَذَراً لِمَا بِهِ البَأْس‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ لاَ نَعْرِفهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

2500- حَدّثنا عَبّاسٌ العَنْبَرِيّ، أَخْبَرنَا أَبُو دَاودَ، أَخْبَرنَا عِمْرَانُ القَطّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بنِ عَبْدِ الله بنِ الشّخّيرِ، عَنْ حَنْظَلَةَ الأسَيْدِيّ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لَوْ أَنّكُمْ تَكُونُونَ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي لأَظَلّتْكُمُ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ مِنْ هذا الوَجْهِ‏.‏ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيْدِيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفي البابِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ‏.‏

2501- حَدّثنا يُوسُفُ بنُ سليمان أَبُو عَمْرٍو البَصْرِيّ، حدثنَا حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحمدِ بنِ عَجْلاَنَ عَنْ القَعْقَاعِ بن حكيم، عن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إِنّ لِكُلّ شَيْيءٍ شِرّةً وَلِكُلّ شِرّةٍ فَتْرَةً، فَإِنْ صَاحِبُهَا سَدّدَ وَقَارَبَ فَأَرْجُوهُ وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ فَلاَ تَعُدّوهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذَا الوَجْهِ‏.‏ وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ عَنْ النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏بَحَسْبِ امرئ مِنَ الشّرّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ في دِينٍ أَوْ دُنْيَا إِلاّ مَنْ عَصَمَهُ الله‏"‏‏.‏

2502- حَدّثنا محمّدُ بنُ بَشارٍ، أخبرنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، أخبرنا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ الرّبِيعِ بنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏خَطّ لنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَطّا مُرَبّعاً وَخَطّ فِي وَسَطِ الْخَطّ خطّاً، وَخَطّ خَارِجاً مِنَ الْخَطّ خَطّاً، وَحَوْلَ الّذِي فِي الوَسَطِ خُطُوطاً، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏هَذَا ابنُ آدَمَ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ، وَهَذَا الّذِي في الوَسَطِ الإِنْسَانُ وَهَذِهِ الْخُطُوطُ عُرُوضُهُ إِنْ نَجَا مِنْ هَذا يَنْهَشُهُ هَذَا، وَالْخَطّ الْخَارِجُ الأَمَلُ‏"‏‏.‏

هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

2503- حدّثنا قُتَيْبَةُ أَخْبَرنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يَهْرَمُ ابنُ آدَمَ وَيَشُبّ مِنْهُ اثنان‏:‏ الحِرْصُ عَلَى المَالِ وَالْحِرْصُ عَلَى العُمُرِ‏"‏‏.‏

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

2504- حدّثنا أَبُو هُرَيْرَةَ مُحمّدُ بنُ فِرَاسٍ البَصْرِيّ، حدثنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ، حدثنَا أَبُو العَوّامِ وَهُوَ عِمْرَانُ القطّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرّفِ بنِ عَبْدِ الله بنِ الشّخّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مُثّلَ ابنُ آدَمَ وَإِلَى جَنْبِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ مَنِيّةً إِنْ أَخْطَأَتْهُ المَنَايَا وَقَعَ في الهَرَمِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ‏.‏

2505- حَدّثنا هَنّادٌ، وأَخْبَرنَا قَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بنِ مُحَمّدِ بنِ عَقِيلٍ، عَنْ الطّفَيْلِ بنِ اّبَيّ بنِ كَعْبٍ‏:‏ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللّيْلِ قَامَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏يَا أَيُهَا النّاسُ اذْكُرُوا الله اذْكُرُوا الله جَاءَتْ الرَاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرّادِفَةُ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ‏"‏‏.‏ قَالَ أُبَيّ‏:‏ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله إِنّي أُكْثِرُ الصّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي‏؟‏ فقَالَ ‏"‏مَا شِئْتَ‏"‏‏.‏ قال‏:‏ قُلْت الرّبُعَ‏؟‏ قَالَ ‏"‏مَا شِئْتَ‏.‏ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ‏"‏‏.‏ قُلْتُ فَالنّصْفَ‏؟‏ قَالَ ‏"‏مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ‏"‏‏.‏ قال‏:‏ قُلْتُ فَالثّلُثَيْنِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ‏"‏، قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلّهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏إِذَا تُكْفَى هَمّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

2506- حَدّثنا يَحْيَى بنُ مُوسَى، أَخْبَرنَا محمدُ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبَانَ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الصّبَاحِ بنِ مُحمّدٍ، عَنْ مُرّةَ الهَمْدَانِيّ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اسْتَحْيُوا مِنْ الله حَقّ الحَيَاءِ‏"‏‏.‏ قال‏:‏ قُلْنَا‏:‏ يَا نَبِيّ لله إِنّا لَنَسْتَحْيِي وَالحمدُ لله، قَالَ‏:‏ ‏"‏لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنْ الاسْتِحَيَاءَ مِنَ الله حَقّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرّأْسَ، وَمَا وَعَى وَتَحْفَظَ البَطْنَ، وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكّرَ المَوْتَ وَالبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الاَخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَى يَعْنِي مِنَ الله حَقّ الْحَيَاءِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ غريبٌ إِنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ ابنِ إِسْحَاقَ عَنْ الصّبّاحِ بنِ مُحمدٍ‏.‏

2507- حَدّثنا سُفْيَانَ بنُ وَكِيعٍ، أَخْبَرنَا عِيسَى بنُ يُونُسَ، عن أَبِي بَكْرِ بنِ أَبي مَرْيَمَ ح‏.‏

2508- وحدّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الرَحْمَنِ، أخبرنا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، أخبرنا ابنُ المُبَارَكِ عَنْ أَبي بَكْرِ بنِ أَبي مَرْيَمَ، عن ضَمْرَةَ بنِ حَبِيبٍ، عن شَدّادِ بنِ أَوْسٍ، عنْ النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏"‏الْكَيّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمنّى عَلَى الله‏"‏‏.‏ قال‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ قال‏:‏ وَمَعْنَى قوله‏:‏ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ يَقُولُ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏.‏ وَيُرْوَى عنْ عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ قَالَ‏:‏ حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ وَإِنّمَا يَخِفّ الْحَسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدّنْيَا‏.‏ وَيُرْوَى عنْ مَيْمُونِ بنِ مِهْرَانَ قَالَ‏:‏ لاَ يَكُونُ العَبْدُ تَقِيّاً حَتّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ كَمَا يُحَاسِبُ شَرِيكَهُ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَمَلْبَسُهُ‏.‏

2509- حَدّثنا مُحمّدُ بنُ أَحْمدَ بنُ مَدّوَيهِ، أخبرنا الْقَاسِمُ بنُ الْحَكَمِ العُرَنيّ، أخبرنا عُبَيْدُ الله بنُ الوَلِيدِ الوَصّافِيّ، عن عَطِيّةَ عنْ أَبِي سَعِيدٍ قالَ‏:‏ ‏"‏دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُصَلاّهُ فَرَأَى نَاساً كَأَنْهُمْ يَكْتَشِرُونَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏أَمَا إِنّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَاذِمٍ الّلذَاتِ لشَغَلَكُمْ عَمّا أَرَى الموت، فَأَكْثِرُوا من ذِكْرِ هَاذِمِ اللذَاتِ المَوْتِ، فَإِنّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ إِلاّ تَكَلّمَ فيه يَقُولُ‏:‏ أَنَا بَيْتُ الغُرْبَةِ، وأَنَا بَيْتُ الوَحْدَةِ وأَنَا بَيْتُ التّرَابِ وَأَنَا بَيْتُ الدُودِ، فَإِذَا دُفِنَ العَبْدُ المُؤْمِنُ قَالَ لَهُ القَبْرُ‏:‏ مَرْحَباً وَأَهْلاً، أَمَا إِنْ كُنْتَ لأَحَبّ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيّ فَإِذْ وَلِيْتُكَ اليَومَ وَصِرْتَ إِلَيّ فَسَتَرَى صَنِيْعِي بِكَ، قال‏:‏ فَيَتّسِعُ لَهُ مَدّ بَصَرِهِ وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنّةِ‏.‏ وَإِذَا دُفِنَ العَبْدُ الفَاجِرُ أَو الكَافِرُ قَالَ لَهُ القَبْرُ‏:‏ لاَمَرْحَباً وَلاَ أَهْلاً أَمَا إِنْ كُنْتَ لأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيّ فَإِذْ وَلِيتُكَ اليَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيّ فَسَتَرَى صَنِيْعِي بِكَ‏.‏ قَالَ فَيْلَتَئِمُ عَلَيْهِ حَتّى تَلْتَقِي عَلَيْهِ وَتَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ‏.‏ قَالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِأَصَابِعِهِ فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي جَوْفِ بَعْضٍ قَالَ وَيُقَيّضُ الله لَهُ سَبْعُونَ تِنّيْناً لَوْ أَنّ وَاحِداً مِنْهَا نَفَخَ فِي الأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئاً مَا بَقِيتْ الدُنْيَا، فَيَنْهَشنَه وَيَخْدِشْنَهُ حَتّى يُفْضَى بِهِ إِلَى الْحِسَابِ‏.‏ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إِنّمَا القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النّارِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

2510- حَدّثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أخبرنا عَبْدُ الرّزّاقِ عنْ مَعْمَرٍ، عنْ الزّهْرِيّ عن عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله بنِ أَبي ثَوْرٍ قالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابنَ عَبّاسٍ يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بنُ الخَطَابِ قَالَ‏:‏ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ مُتّكِيءٌ عَلَى رَمْلِ حَصِيرٍ فَرَأَيْتِ أَثَرَهُ في جَنْبِهِ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏ وَفي الحديثِ قِصّةٌ طوِيلَةٌ‏.‏

2511- حَدّثنا سُوَيْدُ بنُ نَصْر، أخبرنا عَبْدُ الله بن المبارك، عنْ مَعمرِ، وَيُونُسُ، عنْ الزّهْرِيّ أَنّ عُرْوَةَ بنَ الزّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنّ المُسّورَ بنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنّ عَمْرَو بنَ عَوْفٍ- وَهُوَ حلِيفُ بَنِي عَامِرٍ بنِ لُؤَي، وَكَانَ شَهِدَ بَدْراً مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَهُ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الْجَرّاحِ، فَقَدِمَ بِمَالِ مِنَ البَحْرَيْنِ، وَسَمِعَتْ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَوا صَلاَةَ الفَجْرِ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمّا صلّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ، فَتَعَرّضُوا لَهُ، فَتَبَسّمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ ثُمّ قَالَ‏:‏ ‏"‏أَظُنّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيءٍ‏؟‏‏"‏ قَالُوا‏:‏ أَجَلْ يَا رَسُولَ الله‏:‏ ‏"‏قَالَ فَأَبْشِرُوا أَوْ أَمّلُوا مَا يَسُرّكُمْ، فَوَالله مَا الفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

2512- حَدّثنا سُوَيْدٌ، أخبرنا عبْدُ الله، عن يُونُسَ، عن الزّهْرِيّ، عن عُرْوَةَ بنِ الزّبَيْرِ وابنِ المُسَيبَبِ، أَنّ حَكيمَ بنَ حِزَامٍ قال‏:‏ سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمّ قال‏:‏ ‏"‏يَا حكيمُ إِنّ هَذا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بِورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسِ لَمْ يُبَارَك لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السّفْلَى‏"‏‏.‏ فقال حكيمٌ‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسولَ الله، وَالّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقّ لاَ أَرْزَأُ أَحَداً بَعْدَكَ شَيْئاً حَتّى أُفَارِقَ الدّنْيَا‏.‏ فَكَانَ أَبو بكرٍ يَدْعُو حكيماً إِلَى الْعَطَاءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، ثمّ إِنّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئاً‏.‏ فقال عمرُ‏:‏ إِنّي أُشْهِدُكُمْ يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ أنّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقّهُ مِنْ هَذَا الْفيْ فَيَأْبَى أن يَأُخُذَهُ‏.‏ فلم يرزأ أَحَداً مِنَ النّاسِ شَيْئاً بَعْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حَتّى تُوُفّيَ قال‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

2513- حَدّثنا قُتَيْبَةُ، أخبرنا أَبُو صَفْوَانَ عن يُونُسَ عن الزّهْرِيّ عن حمَيْدِ بنِ عبدِ الرحمنِ عن عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ قال‏:‏ ‏"‏ابْتُلِينَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِالضّرّاءِ فَصَبَرْنَا، ثمّ ابْتُلِينَا بِالسّرّاءِ بعده فَلَمْ نَصْبِرْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ‏.‏

2514- حدّثنا هَنّادٌ، حدثنا وَكِيعٌ، عن الرّبِيعِ بنِ صَبِيحٍ، عن يَزِيدَ بنِ أَبَانَ- وَهُوَ الرّقَاشِيّ- عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قال‏:‏ قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ كَانَتْ الاَخِرَةُ هَمّهُ جَعَلَ الله غِنَاهُ في قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدّنْيَا وَهِيَ راغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ الدّنْيَا هَمّهُ جَعَلَ الله فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدّنْيَا إِلاّ مَا قُدّرَ لَهُ‏"‏‏.‏

2515- حدّثنا عَلِيّ بنُ خَشْرَمٍ، أخبرنا عِيسَى بنُ يُونُسَ، عن عِمْرَانَ بنِ زَائِدَةَ بنِ نَشِيطٍ، عن أَبِيهِ، عن أَبي خَالِدٍ الْوَالِبِيّ، عن أَبي هُرَيْرَةَ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏إِنّ الله تعالى يَقُولُ يَا ابنَ آدَمَ تَفَرّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأُ صَدْرَكَ غَنِىً وَأَسُدّ فَقْرَكَ، وَإِنْ لاَ تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَيْكَ شُغْلاَ وَلَمْ أَسُدّ فَقْرَكَ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ‏.‏ وَأَبُو خَالِدٍ الْوَالِبِيّ اسْمُهُ هُرمُزُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو حصين‏)‏ بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين ‏(‏عبد الله ابن أحمد بن يونس‏)‏ اليربوعي الكوفي ثقة من الحادية عشر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومعهم الرهط‏)‏ أي الجماعة ‏(‏حتى مروا بسور عظيم‏)‏ أي أشخاص كثيرين‏.‏ قال في القاموس‏:‏ السواد الشخص والمال الكثير ومن البلدة قراها والعدد الكثير ومن الناس عامتهم ‏(‏قد سد الأفق‏)‏ أي ستر طرف السماء بكثرته ‏(‏من ذا الجانب ومن ذا الجانب‏)‏ أي من اليمين والشمال ‏(‏وسوى هؤلاء من أمتك سبعون ألفاً‏)‏ وفي رواية الشيخين ومع هؤولاء سبعون ألفاً قدامهم قال النووي رحمه الله‏:‏ يحتمل هذا أن يكون معناه وسبعون ألفاً من أمتك وغير هؤولاء، وأن يكون معناه في جملتهم سبعون ألفاً ويؤيد هذا رواية البخاري هذه أمتك ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفاً انتهى‏.‏ قلت‏:‏ الاحتمال الأول هو الظاهر لأن رواية الترمذي هذه صريحة في ذلك ‏(‏فدخل‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حجرات أزواجه ‏(‏ولم يسألوه‏)‏ أي عن هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ‏(‏ولم يفسر‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏لهم‏)‏ أي من هم ‏(‏فقالوا نحن هم‏)‏ وفي رواية للبخاري‏:‏ وقالوا نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله فنحن هم ‏(‏وقال قائلون هم أبناء الذين ولدوا على الفطرة والإسلام‏)‏ وفي رواية للبخاري‏:‏ وأولادنا الذين ولدوا في الاسلام فإنا ولدنا في الجاهلية ‏(‏فخرج النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ وفي رواية للبخاري فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ‏(‏فقام عكاشة‏)‏ بضم العين وتشديد الكاف وتخفيف على ما في القاموس والمعنى ‏(‏بن محزن‏)‏ بكسر ميم وفتح صاد ‏(‏فقال أنا منهم يا رسول قال نعم‏)‏ وفي رواية للبخاري‏:‏ أمنهم أنا يا رسول الله‏؟‏ قال نعم‏.‏ وفي رواية أخرى له‏:‏ فقال أدع الله أن يجعلني منهم قال‏:‏ اللهم اجعله منهم‏.‏

قال الحافظ‏:‏ ويجمع بأنه سأل الدعاء أولا فدعا له ثم استفهم قيل أجبت انتهى ‏(‏ثم جاءه آخر‏)‏ وفي حديث أبي هريرة عند البخاري‏:‏ ثم قام رجل من الأنصار ‏(‏فقال سبقك بها‏)‏ أي بهذه المسألة‏.‏ قال ابن بطال‏:‏ معنى قوله سبقك أي إلى إحراز هذه الصفات وهي التوكل وعدم التطير وما ذكر معه وعدل عن قوله لست منهم أو لست على أخلاقهم تلطفاً بأصحابه وحسن أدبه معهم، وقال ابن الجوزي‏:‏ يظهر لي أن الأول سأل عن صدق قلب فأجيب وأما الثاني فيحتمل أن يكون أريد به حسم المادة فلو قال الثاني نعم لأوشك أن يقوم ثالث ورابع إلى ما لا نهاية له وليس كل الناس يصلح لذلك‏.‏ قال الحافظ في الفتح‏:‏ وهذا أولى من قول من قال كان منافقاً لوجهين أحدهما أن الأصل في الصحابة عدم النفاق فلا يثبت ما يخالف ذلك إلا بنقل صحيح‏.‏ والثاني أنه قل أن يصدر مثل هذا السؤال إلا عن قصد صحيح ويقين بتصديق الرسول‏.‏ وكيف يصدر ذلك من منافق وإلى هذا جنح ابن تيمية وصحح النووي أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بالوحي أنه يجاب في عكاشة ولم يقع ذلك في حق الاَخر‏.‏ وقال السهلي‏:‏ الذي عندي في هذا أنها كانت ساعة إجابة علمها صلى الله عليه وسلم، واتفق أن الرجل قال بعد ما انقضت، ويبنه ما وقع في حديث أبي سعيد ثم جلسوا ساعة يتحدثون‏.‏ وفي رواية ابن إسحاق بعد قوله‏:‏ سبقك بها عكاشة وبردت الدعوة أي انقضى وقتها، انتهى ما في الفتح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة‏)‏ أما حديث ابن مسعود فأخرجه أحمد وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زياد بن الربيع‏)‏ اليحمدي بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم أبو خداش بكسر المعجمة وآخره معجمة البصري ثقة من الثامنة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت أين الصلاة‏)‏ وفي رواية البخاري‏:‏ قيل الصلاة‏.‏

قال الحافظ‏:‏ أي قيل له الصلاة هي شيء مما كان على عهد صلى الله عليه وسلم وهي باقية فكيف يصح هذا السلب العام فأجاب بأنهم غيروها أيضاً بأن أخرجوها عن الوقت ‏(‏قال أو لم تصنعوا في صلاتكم ما قد علمتم‏)‏ أي التقصير في محافظها وأوقاتها قال الحافظ‏:‏ وروى ابن سعد في الطبقات سبب قول أنس هذا القول فأخرج في ترجمة أنس من طريق عبد الرحمن بن العريان الحارثي سمعت ثابتاً البناني قال‏:‏ كنا مع أنس بن مالك فأخر الحجاج الصلاة فقام أنس يريد أن يكلمه فنهاه إخوانه شفقة عليه منه، فخرج فركب دابته فقال في مسيرة ذلك‏:‏ والله ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهدالنبي صلى الله عليه وسلم إلا شهادة أن لا إله إلا الله، فقال رجل فالصلاة يا أبا حمزة قال‏:‏ قد جعلتم الظهر عند المغرب أفتلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ وأخرجه ابن أبي عمر في مسنده من طريق حماد عن ثابت مختصراً انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه البخاري‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هاشم بن سعيد الكوفي‏)‏ ثم البصري أبو إسحاق ضعيف من الثامنة ‏(‏حدثني زيد الخعمي‏)‏ أو السلمي هو ابن عطية مجهول من الثالثة وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته روى له الترمذي واحداً متنه‏:‏ بئس العبد عبد تجبر واعتدى الحديث وقال غريب ‏(‏عن أسماء بنت عميس الخثعمية‏)‏ هي صحابية تزوجها جعفر بن أبي طالب ثم أبو بكر ثم علي بن أبي طالب وولدت لهم، وهي أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمها ماتت بعد علي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بئس العبد‏)‏ لم يقل بئس الرجل أو المرء تنبيهاً على أن الأوصاف الاَتية ليست من مقتضيات العبدية ولا نعوت العبودية ‏(‏عبد تخيل‏)‏ بخاء معجمة أي تخيل في نفسه فضلا على غيره قاله المناوي ‏(‏واختال‏)‏ أي تكبر ‏(‏ونسى الكبير المتعال‏)‏ بحذف الياء مراعاة للفاصلة وهو لغة في المنقوص المعرف وعليه قراءة الجمهور في قوله تعالى‏:‏ عالم الغيب والشهادة الكبير المعتال أي نسى أن الكبرياء والتعالي ليست إلا له ‏(‏وبئس العبد عبد تجبر‏)‏ بالجيم أي جبر الخلق على هواه قاله المناوي‏.‏ وقال القاري‏:‏ أي تهم على المظلومين وفي القاموس‏:‏ بخير وجبره على الأمر أكرهه كأجبره انتهى فالتجبر بمعنى التكبر مع تضمن معنى القهر والغلبة والإكراه ‏(‏واعتدى‏)‏ أي في تجبر فمن خالفه قهره بقتل أو غيره ‏(‏ونسى الجبار الأعلى‏)‏ أي القهار الذي فوق عباده الغالب على أمره ‏(‏عبد سهى‏)‏ أي غفل عن الحق والطاعة باستغراقه في الأماني وجمع الحطام ‏(‏ولهى‏)‏ أي اشتغل بالهو واللعب ‏(‏ونعى المقابر‏)‏ المراد أنه نسي الموت بعدم الاستعداد له ‏(‏والبلى‏)‏ بكسر الموحدة وهو تفتت الأعضاء وتشتت الأجزاء إلى أن تصير رميماً ورفاتاً ‏"‏بئس العبد عبد عتا‏"‏ من العتو أي أفسد ‏(‏وطغى‏)‏ من الطغيان أي تجاوز عن الحد وقيل معناهما واحد وأتي بهما تأكيداً والثاني تفسير أو أتي به للفاصلة ‏"‏ونسى المتدك والمنتهى‏"‏ بصيغة المفعول‏.‏ قال الأشرف‏:‏ أي نسى ابتداء خلقه وهو مكونه نطفه، وانتهاء حاله الذي يؤول إليه وهو صيرورته تراباً، أي من كان ذلك ابتداؤه ويكون انتهاءه هذا جدير بأن يطيع الله تعالى فيما بينهما‏.‏ وقيل أي نسي المبتدأ والمعاد وما هو صائر إليه بعد حشر الأجساد ‏(‏عبد يختل‏)‏ بكسر التاء أي يطلب ‏(‏الدنيا بالدين‏)‏ أي بعمل الاَخرة من ختله إذا خدعه كذا في النهاية‏.‏ والمعنى‏:‏ يخدع أهل الدنيا بعمل الصلحاء ليعتقدوا فيه، وينال منهم مالاً أو جاهاً من ختل الذئب الصيد خدعه وخفي له‏.‏ قال القاضي‏:‏ ختل الصائد إذا مشى للصيد قليلاً قليلاً لئلا يحس به، شبه فعل من يرى ورعاً وديناً ليتوسل به إلى المطالب الدنيوية بختل الذئب الصائد ‏(‏عبد يختل الدين‏)‏ أي يفسده ‏(‏بالشبهات‏)‏ بضمتين وبفتح الثانية أي يتشبت بالشبهات ويتأول المحرمات ‏(‏بئس العبد عبد طمع‏)‏ أي له طمع أو ذو طمع أو وصف بالمصدر مبالغة ولو قرئ بإضافة العبد لاستقام من غير تكلف ‏(‏يقوده‏)‏ أي يسحبه الطمع إلى معصية الله تعالى ‏(‏بئس العبد عبد هوى يضله‏)‏ أي يضله هوى النفس ‏(‏بئس العبد عبد رغب‏)‏ قال في اللمعات‏:‏ الرغب بضم الراء وفتحها مصدر رغب على حد طمع القاموس رغب فيه رغباً ويضم ورغبته أراده والرغب بالضم وبضمتين كثرة الأكل وكثرة النهم فعله ككرم انتهى والمراد الرغبة في الدنيا والإكثار منها انتهى‏.‏ وقال الجزري في النهاية‏:‏ الرغب شؤم أي الشرة والحرص على الدنيا وقيل سعة الأمل وطلب الكثير ‏(‏يذله‏)‏ بضم أوله وكسر الذال أي يذله حرص على الدنيا وتهافت عليها وإضافة العبد إليه للإهانة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه‏)‏ وأخرجه ابن ماجة والحاكم بإسناد مظلم والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان عن نعيم بن حمار بكسر المهملة وخفة الميم‏.‏ قال المناوي وهو ضعيف لضعف طلحة الرقى ‏(‏وليس إسناده بالقوى‏)‏ في سنده هاشم بن سعيد الكوفي وهو ضعيف، وفيه أيضاً زيد الخثعمي وهو ابن عطية مجهول‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمار بن محمد بن أخت سفيان الثوري‏)‏ أيو اليقظان الكوفي الثوري سكن بغداد صدوق يخطئ وكان عابداً من الثامنة ‏(‏أخبرنا أبو الجارود الأعمى‏)‏ الكوفي رافضي كذبه يحيى بن معين من السابعة‏.‏ قال الحافظ في تهذيب التهذيب‏:‏ روى له الترمذي حديثاً واحداً في إطعام الجائع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أيما مؤمن‏)‏ ما زائدة وأي مرفوع على الابتداء ‏(‏أطعم مؤمناً على جوع‏)‏ أي مؤمناً جائعاً ‏(‏أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة‏)‏ فيه إشارة إلى أن ثمارها أفضل أطعمتها ‏(‏سقى مؤمناً على ظمأ‏)‏ بفتحتين مقصورة أو قد يمد أي عطش ‏(‏سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم‏)‏ أي يسقيه من خمر الجنة التي ختم عليه بمسك جزاء وفاقاً إذ الجزاء من جنس العمل‏.‏ قال القاري‏:‏ والرحيق صفوة الخمر والشراب الخالص الذي لا غش فيه، والمختوم هو المصون الذي لم يبتذل لأجل ختامه ولم يصل إليه غير أصحابه وهو عبارة عن نفاسته انتهى ‏(‏وأيما مؤمن كسا‏)‏ أي أليس ‏(‏على عرى‏)‏ بضم فسكون، أي على حالة عرى أو لأجل عرى أو لدفع عرى وهو يشمل عرى العورة وسائر الأعضاء ‏(‏كساه الله من خضر الجنة‏)‏ بضم الخاء وسكون الضاد المعجمتين جمع أخضر، أي من الثياب الخضر فيها من باب إقامة الصفة مقام الموصوف، وخصها لأنها أحسن الألوان‏.‏ قال المناوي‏:‏ المراد أنه يخص بنوع من ذلك أعلى وإلا فكل من دخل الجنة كساه الله من ثيابها وأطعمه وسقاه من ثمارها وخمرها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ في سنده أبو الجاورد الأعمى وقد عرفت حاله وأخرجه أبو داود بسند آخر وسكت عنه وقال المنذري‏:‏ في إسناده أبو خالد محمد ابن عبد الرحمن المعروف بالدلاني، وقد أثنى عليه غير واحد، وتكلم فيه غير واحد انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو النضر‏)‏ اسمه هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي مولاهم البغدادي مشهور بكنيته ولقبه قيصر ثقة، ثبت من التاسعة ‏(‏أخبرنا أبو عقيل الثقفي‏)‏ اسمه عبد الله بن عقيل الكوفي نزيل بغداد صدوق من الثامنة ‏(‏أخبرنا أبو فروة يزيد ين سنان التميمي‏)‏ الرهاوي ضعيف من كبار السابعة ‏(‏حدثني بكير بن فيروز‏)‏ الرهاوي مقبول من الثالثة‏.‏ قال في تهذيب التهذيب‏:‏ روى له الترمذي حديثاً واحداً حديث‏:‏ من خاف أدلج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من خاف‏)‏ أي البيات والإغارة من العدو وقت السحر ‏(‏أدلج‏)‏ بالتخفيف من سار أول الليل وبالتشديد من آخره ‏(‏ومن أدلج بلغ المنزل‏)‏ أي وصل إلى المطلب‏.‏ قال الطيبي رحمه الله‏:‏ هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لسالك الاَخرة فإن الشيطان على طريقه والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه، فإن بتغط في مسيره وأخلص النية في عمله أمن من الشيطان وكيده، ومن قطع الطريق بأعوانه ثم أرشد إلى أن سلوك طريق الاَخرة صعب، وتحصيل الأخرة متعسر لا يحصل بأدنى سعى فقال ‏(‏ألا‏)‏ بالتخفيف التنبيه ‏(‏إن سلعة الله‏)‏ أي من متاعه من نعيم الجنة ‏(‏غالية‏)‏ بالغين المعجمه أي رفيعة القدر ‏(‏ألا إن سلعة الله الجنة‏)‏ يعني ثمنها الأعمال الباقية المشار إليها بقوله سبحانه ‏"‏والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملا‏"‏ وبقوله‏:‏ ‏"‏إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا جديث حسن غريب‏)‏ في سنده أبو فروة وهو ضعيف وأخرجه الحاكم‏.‏ قال المناوي‏:‏ وقال صحيح لكن نوزع‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن يزيد‏)‏ الدمشقي ضعيف من السادسة‏.‏

ومنهم من قال هو ابن ربيعة بن يزيد الماضي كذا في التقريب‏.‏ وقال في تهذيب التهذيب في ترجمة عبد الله بن يزيد‏:‏ قال أبو القاسم بن عساكر فرق البخاري بينه وبين عبد الله بن ربيعة بن يزيد وهما عند أبي داود واحد قال المزي‏:‏ والصواب ما صنع البخاري إن شاء الله تعالى ‏(‏حدثني ربيعة بن يزيد‏)‏ هو الدمشقي ‏(‏وعطية ابن قيس‏)‏ الكلابي، وقيل بالعين المهملة بدل الموحدة، أبو يحيى الشامي ثقة مقرئ من الثالثة ‏(‏عن عطية السعدي‏)‏ هو ابن عروة أو ابن سعد أو ابن عمرو صحابي نزل الشام روى عنه ابنه محمد وربيعة بن يزيد كذا في الخلاصة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يبلغ العبد أن يكون‏)‏ أي لا يصل كونه ‏(‏من المتقين‏)‏ المتقي في اللغة اسم فاعل من قولهم وقاه فاتقى والوقاية فرط الصيانة وفي الشريعة الذي بقي نفسه تعاطى ما يستحق به العقوبة من فعل وترك، وقيل التقوى على ثلاثة مراتب‏:‏

الأول‏:‏ التقوى عن العذاب المخلد بالتبري من الشرك، كقوله تعالى‏:‏ ‏"‏وألزمهم كلمة التقوى‏"‏‏.‏

والثانية‏:‏ التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك حتى الصغائر عند قوم، وهو التعارف بالتقوى في الشرع والمعنى بقوله‏:‏ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا‏.‏

والثالثة‏:‏ أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويقبل بشراشره إلى الله وهي التقوى الحقيقية المطلوبة بقوله تعالى‏:‏ ‏"‏اتقوا الله حق تقانه‏"‏ والحديث وإن استشهد به المرتبة الثانية فإنه يجوز أن ينزل على المرتبة الثالثة ‏(‏حتى يدع‏)‏ أي يترك ‏(‏حذراً لما به بأس‏)‏ مفعول له أي خوفاً من أن يقع فيما فيه بأس‏.‏ قال الطيبي رحمه الله‏:‏ قوله أن يكون ظرف يبلغ على تقدير مضاف أي درجة المتقين‏.‏ قال المناوي‏:‏ أي يترك فضول الحلال حذراً من الوقوع في الحرام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه ابن ماجه والحاكم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو داود‏)‏ هو الطيالسي ‏(‏عن يزيد ين عبد الله بن الشخير‏)‏ بكسر الشين المعجمة وتشديد الخاء المعجمة المكسورة العامري كنيته أبو العلاء البصري ثقة من الثانية ‏(‏عن حنظلة الأسيدي‏)‏ بضم الهمزة وفتح السين مصغراً هو ابن الربيع بن صيقي بفتح المهملة بعدها نحتانية ساكنة التميمي، يعرف بحنظلة الكاتب، صحابي نزل الكوفة ومات بعد علي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لو أنكم تكونون‏)‏ أي في حال غيبتكم عني ‏(‏كما تكونون عندي‏)‏ أي من صفاء القلب والخوف من الله ‏(‏لأظلتكم الملائكة بأجنحتها‏)‏ جمع جناح ورواية مسلم‏:‏ لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه‏)‏ وأخرجه مسلم مطولا من غير هذا الوجه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن أبي هريرة‏)‏ أخرجه أحمد والترمذي في باب صفة الجنة ونعيمها‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يوسف بن سليمان‏)‏ أبو عمرو البصري الباهلي أو المازني صدوق من العاشرة ‏(‏عن القعقاع‏)‏ هو ابن حكيم ‏(‏عن أبي صالح‏)‏ هو السمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن لكل شيء شرة‏)‏ بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء أي حرصاً على الشيء ونشاطاً ورغبة في الخير أو الشر ‏(‏ولكل شرة فترة‏)‏ بفتح الفاء وسكون التاء أي وهناً وضعفاً وسكوناً ‏(‏فإن‏)‏ شرطية ‏(‏صاحبها سدد وقارب‏)‏ أي جعل صاحب الشرة عمله متوسطاً وتجنب طرفي إفراط الشرة وتفريط الفترة ‏(‏فأرجوه‏)‏ أي أرجو الفلاح منه فإنه يمكنه الدوام على الوسط، وأحب الأعمال إلى الله أدومها ‏(‏وإن أشير إليه بالإصابع‏)‏ أي اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهوراً بالعبادة والزهد وصار مشهوراً مشاراً إليه ‏(‏فلا تعدوه‏)‏ أي لا تعتد وانه ولا تحسبوا من الصالحين لكونه مرائياً، ولم يقل فلا ترجوه إشارة إلى أنه قد سقط ولم يمكنه تدارك ما فرط‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث صحيح غريب‏)‏ وأخرجه البيهقي عن ابن عمر مرفوعاً ولفظه‏:‏ إن لكل شيء شرة ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنه قال بحسب امرى من الشر‏)‏ الياء زائدة أي يكفيه منه في أخلاقه ومعاشه ومعاده ‏(‏أن يشار إليه بالأصابع‏)‏ أي يشير الناس بعضهم لبعض إليه بأصابعهم ‏(‏في دين أو دنيا‏)‏ فيقولون هذا فلان العابد أو العالم ويطرون في مدحه فإن ذلك بلاء ومحنة له ‏(‏إلا من عصمه الله‏)‏ أي حفظه بحيث صار له ملكة يقتدر بها على قهر نفسه بحيث لا يلتفت إلى ذلك ولا يستنفره الشيطان بسببه، وقيل المراد أنه إنما يشار إليه في دين لكونه أحدث بدعة فيشار إليه بها وفي دنيا لكونه أحدث منكراً غير متعارف بينهم قاله المناوي‏.‏ وحديث أنس هذا أخرجه البيهقي في شعب الإيمان قال المناوي بإسناد فيه متهم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى بن سعيد‏)‏ هو القطان ‏(‏أخبرنا سفيان‏)‏ هو الثوري ‏(‏عن أبيه‏)‏ اسمه سعيذ بن مسروق ‏(‏عن أبي يعلي‏)‏ اسمه المنذر بن يعلي الثوري بالمثلثة الكوفي ثقة من السادسة ‏(‏عن الربيع بن خثيم‏)‏ بضم المعجمة وفتح المثلثة ابن عائد بن عبد الله الثوري، كنيته أبو يزيد الكوفي، ثقة عابد مخضرم من الثانية قال له ابن مسعود‏:‏ لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خط لنا‏)‏ أي للصحابة ‏(‏خطأ مربعاً‏)‏ الظاهر أنه كان بيده المباركة على الأرض قال الطيبي رحمه الله‏:‏ المراد بالخط الرسم والشكل ‏(‏وخط في وسط الخط‏)‏ أي وسط المربع ‏(‏خطاً‏)‏ أي آخر ‏(‏وخط خارجاً من الخط‏)‏ أي المربع ‏(‏خطأ‏)‏ أي آخر ‏(‏وحول الذي في الوسط‏)‏ أي حول الخط الذي في وسط المربع ‏(‏خطوطاً‏)‏ أي صغاراً كما في رواية ‏(‏فقال هذا ابن آدم‏)‏ أي هذا الخط المصور مجموعة مثال ابن آدم ‏(‏وهذا‏)‏ أي الخط المربع ‏(‏أجله‏)‏ أي مدة أجله ‏(‏محيط به‏)‏ أي من كل جوانبه بحيث لا يمكنه الخروج والفرار منه ‏(‏وهذه الخطوط‏)‏ أي الصغار ‏(‏عروضه‏)‏ أي الاَفات والعاهات من المرض والجوع والعطش وغيره ‏(‏إن نجا منه ينهشه هذا‏)‏ أي إن تجاوز عنه العرض يلدغه هذا العرض الاَخر، وعبر عن عروض الاَفة بالنهش وهو لدغ ذات السم، مبالغة في الإصابة وتألم الإنسان بها ‏(‏والخط الخارج‏)‏ أي عن المربع ‏(‏الأمل‏)‏ أي مأموله ومرجوه الذي يظن أنه يدركه قبل حلول أجله هذا خطا منه لأن أمله طويل لا يفرغ منه، وأجله أقرب إليه منه وفي الحديث إشارة إلى الحض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري والنسائي وابن ماجه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏يهرم‏)‏ بفتح الراء أي يشيب كما في رواية والمعنى يضعف ‏(‏ويشب‏)‏ بكسر الشين المعجمة وتشديد الموحدة أي ينمو ويقوي ‏(‏منه‏)‏ أي من أخلاقه ففي التاج للبيهقي وكذا في القاموس‏:‏ أن الهرم كبر السن من باب علم وشب شباباً من باب ضرب ‏(‏الحرص على المال‏)‏ أي جمعه ومنعه ‏(‏والحرص على العمر‏)‏ أي طوله‏.‏ قال النووي رحمه الله‏:‏ قوله تشب استعارة ومعناه أن قلب الشيخ كامل الحب للمال محتكم في ذلك مثل إحكام قوة الشاب في شبابه‏.‏ قال القرطبي‏:‏ في هذا الحديث كراهة الحرص على طول العمر وكثرة المال وأن ذلك ليس بمحمود‏.‏ وقال غيره‏:‏ الحكمة في التخصيص بهذين الأمرين أن أحب الأشياء إلى ابن آدم نفسه فهو راغب في بقائها، فأحب لذلك طول العمر وأحب المال لأنه من أعظم الأسباب في دوام الصحة التي ينشأ عنها غالباً طول العمر، فكلما أحس بقرب نفاد ذلك، اشتد حبه ورغبته في دوامه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان وغيرهما‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏مثل ابن آدم الخ‏)‏ تقدم هذا الحديث بإسناده ومتنه في أبواب القدر وتقدم شرحه هناك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الطفيل بن أبي بن كعب‏)‏ الأنصاري الخزرجي كان يقال له أبو بطن لعظم بطنه ثقة يقال ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الثانية ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو أبي بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي أبو المنذر سيد القراء ويكني أبا الطفيل أيضاً من فضلاء الصحابة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا أيها الناس‏)‏ أراد به النائمين من أصحابه الغافلين عن ذكر الله ينبههم عن النوم ليشتغلوا بذكر الله تعالى والتهجد ‏(‏جاءت الراجفة تتبعها الرادفة‏)‏ قال في النهاية‏:‏ الراجفة النفخة الأولى التي يموت لها الخلائق‏.‏ والرادفة النفخة الثانية التي يحيون لها يوم القيامة وأصل الرجف الحركة والاضطراب انتهى‏.‏ وفيه إشارة إلى قوله تعالى‏:‏ ‏(‏يوم ترجف الراجفة‏)‏ وعبر بصيغة المضي لتحقق وقوعها فكأنها جاءت والمراد أنه قارب وقوعها فاستعدوا لتهويل أمرها ‏(‏جاء الموت بما فيه‏)‏ التكرار للتأكيد ‏(‏إني أكثر الصلاة عليك‏)‏ أي أريد إكثارها‏.‏ قاله القاري ولا حاجه لهذا التأويل كما لا يخفي ‏(‏فكم أجعل لك من صلاتي‏)‏ أي بدل دعائي الذي أدعو به لنفي قاله القاري‏.‏ وقال المنذري في الترغيب‏:‏ معناه أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك ‏(‏قال ما شئت‏)‏ أي أجعل مقدار مشيئتك ‏(‏قلت الربع‏)‏ بضم الياء وتسكن أي أجعل ربع أوقات دعائي لنفسي مصروفاً للصلاة عليك ‏(‏فقلت ثلثي‏)‏ هكذا في بعض النسخ بحذف النون وفي بعضها فالثلثين وهو الظاهر ‏(‏قلت أجعل لك صلاتي كلها‏)‏ أ ي أصرف بصلاتي عليك جميع الزمن الذي كنت أدعو فيه لنفسي ‏(‏قال إذاً‏)‏ بالتنوين ‏(‏تكفي‏)‏ مخاطب مبني للمفعول ‏(‏همك‏)‏ مصدر بمعنى المفعول وهو منصوب على أنه مفعول ثان مكتفي فإنه يتعدى إلى مفعولين والمفعول الأول المرفوع بما لم يسم ‏(‏فاعله وهو أنت، والهم ما يقصده الإنسان من أمر الدنيا والاَخرة، يعني إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة على أعطيت مرام الدنيا والاَخرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه أحمد والحاكم وصححه وفي رواية لأحمد عنه قال‏:‏ قال رجل يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلواتي كلها عليك‏؟‏ قال‏:‏ إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك‏.‏ قال المنذري‏:‏ وإسناد هذه جيد انتهى‏.‏ قال القاري‏:‏ وللحديث روايات كثيرة‏.‏ وفي رواية قال‏:‏ إني أصلي من الليل بدل أكثر الصلاة عليك فعلى هذا قوله فكم أجعل لك من صلاتي أي بدل صلاتي من الليل انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عبيد‏)‏ بن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدب، ثقة من الحادية عشرة ‏(‏عن أبان بن إسحاق‏)‏ الأسدي النحوي كوفي ثقة تكلم فيه الأزدي بلا حجة من السادسة ‏(‏عن الصباح بن محمد‏)‏ بن أبي حازم البجلي الأحمسي الكوفي ضعيف أفرط فيه ابن حبان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏استحيوا من الله حق الحياء‏)‏ أي حياء ثابتاً ولازماً صادقاً قاله المناوي‏:‏ وقيل أي اتقوا الله حق تقاته ‏(‏قلنا يا نبي الله إنا لنستحي‏)‏ لم يقولوا حق الحياء اعترافاً بالعجز عنه ‏(‏والحمد لله‏)‏ أي على توفيقنا به ‏(‏قال ليس ذاك‏)‏ أي ليس حق الحياء ما تحسبونه بل أن يحفظ جميع جوارحه عما لا يرضى ‏(‏ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس‏)‏ أي عن استعماله في غير طاعة لله بأن لا تسجد لغيره ولا تصلي للرياء ولا تخضع به لغير الله ولا ترفعه تكبراً ‏(‏وما وعي‏)‏ أي جمعه الرأس من اللسان والعين والأذن عما لا يحل استعماله ‏(‏وتحفظ البطن‏)‏ أي عن أكل الحرام ‏(‏وما حوى‏)‏ أي ما اتصل اجتماعه به من الفرج والرجلين واليدين والقلب، فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف، وحفظها بأن لا تستعملها في المعاصي بل في مرضاة الله تعالى ‏(‏وتتذكر الموت والبلى‏)‏ بكسر الباء من بلى الشيء إذا صار خلقاً متفتتاً يعني تتذكر صيرورتك في القر عظاماً بالية ‏(‏ومن أراد الاَخرة ترك زينة الدنيا‏)‏ فإنهما لا يجتمعان على وجه الكمال حتى للأقوياء قاله القاري‏.‏ وقال المناوي‏:‏ لأنهما ضرتان فمتى أرضيت إحداهما أغضبت الأخرى ‏(‏فمن فعل ذلك‏)‏ أي جميع ما ذكر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والحاكم والبيهقى قال المناوي‏:‏ قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي انهى‏.‏ وفي إسناده الترمذي الصباح بن محمد وهو ضعيف كما عرفت‏.‏ قال العقيلي في حديثه وهم ويرفع الموقوف‏.‏ وقال الذهبي في الميزان‏.‏ رفع حديثين هما من قول عبد الله بن مسعود‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمَن‏)‏ هو الدارمي ‏(‏أخبرنا عمرو بن عون‏)‏ ابن أوس الواسطي أبو عثمان البزار البصري، ثقة ثبت من العاشرة ‏(‏عن ضمرة ابن حبيب‏)‏ بن صهيب الزبيدي بضم الزاي الحمصي، ثقة من الرابعة ‏(‏عن شداد ابن أوس‏)‏ بن ثابت الأنصاري صحابي مات بالشام قبل الستين أو بعدها، وهو ابن أخي حسان بن ثابت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الكيس‏)‏ أي العاقل المتبصر في الأمور الناظر في العواقب ‏(‏من دان نفسه‏)‏ أي حاسبها وأذلها واستعبدها وقهرها حتى صارت مطيعة منقادة ‏(‏وعمل لما بعد الموت‏)‏ قبل نزوله ليصير على نور من ربه فالموت عاقبة أمر الدنيا، فالكيس من أبصر العاقبة ‏(‏والعاجز‏)‏ المقصر في الأمور ‏(‏من أتبع نفسه هواها‏)‏ من الإتباع أي جعلها تابعة لهواها فلم يكفها عن الشهوات ولم يمنعها عن مقارنة المرمات ‏(‏وتمنى على الله‏)‏ وفي الجامع الصغير وتمنى على الله الاماني فهو مع تفريطه في طاعه ربه واتباع شهادته لا يعتذر بل يتمنى على الله الأماني أن يعفو عنه‏.‏ قال الطيبي رحمه الله‏:‏ والعاجز الذي غلبت عليه نفيسه وعمل ما أمرته به نفسه فصار عاجزاً لنفسه فاتبع نفسه هواها وأعطاها ما اشتهته، قوبل الكيس بالعاجز والمقابل الحقيقي للكيس السفيه الرأي وللعاجز القادر ليؤذن بأن الكيس هو القادر، والعاجز هو السفية وتمنى على الله أي يذنب ويتمنى الجنة من غير الاستغفار والتوبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه أحمد، وابن ماجه والحاكم وقال صحيح ورده الذهبي قاله المناوي ‏(‏حاسبوا‏)‏ بكسر السين أمر من المحاسبة ‏(‏قيل أن تحاسبوا‏)‏ بصيغة المجهول ‏(‏وتزينوا‏)‏ الظاهر أن المراد به استعدوا وتهيئوا ‏(‏للعرض الأكبر‏)‏ أي يوم تعرضون على ربكم للحساب ‏(‏وإنما يخف‏)‏ بكسر الخاء المعجمة من باب ضرب بضرب أي يصير خفيفاً ويسيراً ‏(‏ويروي عن ميمون ابن مهران‏)‏ قال في التقريب ميمون بن مهران الجزري أبو أيوب أصله كوفي نزل الرقة ثقة فقيه، ولى الجزيرة لعمر بن عبد العزيز وكان يرسل من الرابعة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن أحمد مدويه‏)‏، قال في التقريب محمد بن أحمد ابن الحسين بن مدويه بميم وتثقيل القرشي أبو عبد الرحمَن الترمذي، صدوق من الحادية عشرة ‏(‏أخبرنا القاسم بن الحكم‏)‏ بن كثير ‏(‏العرني‏)‏ بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون أبو أحمد الكوفي قاضي همدان، صدوق فيه لين من التاسعة ‏(‏أخبرنا عبيد الله بن الوليد الوصافي‏)‏ بفتح الواو وتشديد المهملة أبو إسماعيل الكوفي العجلي ضعيف من السادسة ‏(‏عن عطية‏)‏ هو العوفي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مصلاه‏)‏ وفي المشكاة‏:‏ خرج النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة قال القاري‏:‏ والظاهر المتبادر من مقتضى المقام أنها صلاة جنازة لما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام إذا رأى جنازة رؤيت عليه كآبة أي حزن شديد وأقل الكلام ‏(‏فرأى ناساً كأنهم يكتشرون‏)‏ أي يضحكون من الكشر وهو ظهور الأسنان للضحك‏.‏ ففي القاموس‏:‏ كشر عن أسنانه أبدى يكون في الضحك وغيره انتهى ‏(‏قال أما‏)‏ بالتخفيف لينبه على نوم الغفلة الباعث على الضحك والمكالمة ‏(‏إنكم لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات‏)‏ قال في القاموس‏:‏ هذم بالمعجمة قطع وأكل بسرعة وبالمهملة نقض البناء انتهى‏.‏ والمعنى لو أكثرتم من ذكر قاطع اللذات ‏(‏لشغلكم عما أرى‏)‏ أي من الضحك وكلام أهل الغفلة، ‏(‏فأكثروا من ذكر هاذم اللذات الموت‏)‏ بالجر تفسير لهاذم اللذات أو بدل منه، وبالنصب بإضمار أعني وبالرفع بتقدير هو الموت ثم إنه صلى الله عليه وسلم بيّن للصحابة وجه حكمة الأمر بإكثار ذكر الموت وأسبابه بقوله ‏(‏فإنه‏)‏ أي الشأن ‏(‏لم يأت على القبر يوم‏)‏ أي وقت وزمان ‏(‏فيقول أنا بيت الغربة‏)‏ فالذي يسكنني غريب ‏(‏وأنا بيت الوحدة‏)‏ فمن حل بي وحيد ‏(‏وأنا بيت التراب وأنا بيت الدود‏)‏ فمن ضجمته أكله التراب والدود، إلا من استثنى ممن نص على أنه لا يبلي ولا يدود في قبره، فالمراد بيت من شأنه ذلك ‏(‏فإذا دفن العبد المؤمن‏)‏ أي المطيع كما يدل عليه ذكر الفاجر والكافر في مقابله ‏(‏قال له القبر‏)‏ أو ما يقوم مقامه ‏(‏مرحباً وأهلاً‏)‏ أي وجدت مكاناً رحباً ووجدت أهلاً من العمل الصالح فلا ينافي ما مر ‏(‏أما‏)‏ بتخفيف الميم للتنبيه ‏(‏إن كنت‏)‏ أي أنه كنت فإن مخففة من المثقلة واللام فارقة بينها وبين أن النافية في قوله ‏(‏لأحب‏)‏ وهو أفعل تفضيل بني المفعول أي لأفضل ‏(‏من يمشي على ظهري إلى‏)‏ متعلق بأحب ‏(‏فإذا‏)‏ بسكون الذال أي فحين ‏(‏وليتك‏)‏ من التولية مجهولاً أو من الولاية مظلوماً، أي صرت قادر حاكماً عليك ‏(‏اليوم‏)‏ أي هذا الوقت، وهو ما بعد الموت، والدفن ‏(‏وصرت إليّ‏)‏ أي صرت إليّ ووليتك والواو لا ترتب وكذا يقال فيما يأتي ‏(‏فسترى أي ستبصر أو تعلم ‏(‏صنيعي بك‏)‏‏)‏ من الإحسان إليك بالتوسيع عليك ‏(‏فيتسع‏)‏ أي فيصير القبر وسيعاً ‏(‏له‏)‏ أي المؤمن ‏(‏مد بصره‏)‏ أي بقدر ما يمتد إليه بصره ولا ينافي رواية سبعين ذارعاً لأن المراد بها التكثير لا التحديد ‏(‏ويفتح له باب إلى الجنة‏)‏ أي ليأتيه من روحها ونسيمها ويشم من طيبها وتقر عينه بما يرى فيها من حورها وقصورها وأنهارها وأشجارها وأثمارها ‏(‏وإذا دفن العبد الفاجر‏)‏ أي الفاسق والمراد به الفرد الأكمل وهو الفاسق بقرينة مقابلته لقوله العبد المؤمن سابقاً ولما سيأتي من قول القبر له بكونه أبغض من يمشي على ظهره ومنه قوله تعالى ‏(‏أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً‏)‏ الاَية ‏(‏أو الكافر‏)‏ شك من الراوي لا للتنويع وقد جرت عادة الكتاب والسنة على بيان حكم الفريقين في الدارين والسكوت عن حال المؤمن الفاسق ستراً عليه أو ليكون بين الرجاء والخوف لا لإثبات المنزلة بين النزليين كما توهمت المعتزلة كذا قال القاري وجعل المناوي كلمة أو للتنويع لا للشك حيث وإذا دفن العبد الفاجر أي المؤمن الفاسق أو الكافر أي بأي كفر كان انتهى‏.‏ ‏(‏قال فيلتثم‏)‏ أي قال للنبي صلى الله عليه وسلم فينضم القبر ‏(‏وتختلف أضلاعه‏)‏ أي يدخل بعضها في بعض ‏(‏قال‏)‏ أي الراوي ‏(‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي أشار ‏(‏بأصابعه‏)‏ أي من اليدين الكريمتين ‏(‏فأدخل بعضها‏)‏ وهو أصابع اليد اليمنى ‏(‏في جوف بعض‏)‏ وفيه إشارة إلى أن تضييق القبر واختلاف الأضلاع حقيقي لا أنه محاز عن ضيق الحال وإن الاختلاف مبالغة في أنه على وجه الكمال كما توهمه بعض أرباب النقصان حتى جعلوا عذاب القبر روحانياً لا جسمانياً والصواب أن عذاب الاَخرة ونعيمها متعلقان بهما كذا في المرقاة ‏(‏قال‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏ويقيض‏)‏ بتشديد الياء المكسورة أي يسلط الله ويوكل ‏(‏له‏)‏ أي بخصوصه وإلا فهو فيه ‏(‏سبعين‏)‏ وفي بعض النسخ سبعون على هذا يكون قوله يقيض بتشديد الياء المفتوحة ‏(‏تيناً‏)‏ بكسر التاء وتشديد النون الأولى مكسورة أي حية عظيمة ‏(‏لو أن واحداً منها نفخ‏)‏ بالخاء المعجمة أي تنفس ‏(‏ما أنبتت‏)‏ أي الأرض ‏(‏شيئاً‏)‏ أي من الإنبات أو النباتات ‏(‏ما بقيت الدنيا‏)‏ أي مدة بقائها ‏(‏فينهشنه‏)‏ بفتح الهاء وسكون الشين المعجمة أي يلدغنه وفي القاموس نهشة كمنعه نهشه ولسعة وعضه أو أخذه بأضراسه، وبالسين أخذه بأطراف الأسنان ‏(‏ويخدشنه‏)‏ بكسر الدال أي يجرحنه ‏(‏حتى يقضي‏)‏ بضم فسكون فاء ففتح ضاد معجمة أي يوصل ‏(‏به‏)‏ أي بالكافر إلى الحساب أي وثم إلى العقاب، وفيه دليل على أن الكافر يحاسب ‏(‏قال‏)‏ أي الراوي ‏(‏إنما القبر روضة‏)‏ أي بستان ‏(‏من رياض الجنة‏)‏ جمع روضة ‏(‏أو حفرة‏)‏ في القاموس‏:‏ الحفرة بالضم والحفيرة المحتفر والحفر، محركة البئر الموسعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ قال المنذري رواه الترمذي والبيهقي كلاهما من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو رواه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد الرزاق‏)‏ بن همام بن نافع الحميري مولاهم، أبو بكر الصنعاني ثقة حافظ‏.‏ مصنف شهير عمى في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع من التاسعة ‏(‏عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور‏)‏ المدني مولى بني نوفل ثقة من الثالثة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا هو متكئ على رمل حصير‏)‏ بفتح راء وسكون ميم وفي الصحيحين على رمال حصير‏.‏ قال الجوزي في النهاية‏:‏ الرمال ما رمل أي نسج، يقال رمل الحصير وأرمله فهو مرمول ومرمل ورملت مشدد للتكثير‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ ونظيره الحطام والركام لما حطم وركم وقال غيره‏:‏ الرمال جمع رمل بمعنى مرمول كخلق الله بمعنى مخلوقة‏.‏ والمراد أنه كان السرير قد نسج وجهه بالسعف ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير، ذكره الطيبي‏.‏ قال القاري‏:‏ لكن كون المراد برمال الحصير شريط السرير بل الظاهر أنه مضطجع على منسوج من حصير ‏(‏فرأيت أثره في جنبه‏)‏ أي من بدنه لا سيما عند كشفه من ثوبه ‏(‏وفي الحديث قصة طويلة‏)‏ أخرج الترمذي هذا الحديث بالقصة الطويلة في تفسير سورة التحريم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك ‏(‏عن معمر‏)‏ هو ابن راشد ‏(‏ويونس‏)‏ هو ابن يزيد الأيلي أن عمرو بن عوف وهو حليف بن عامر بن لؤي الأنصاري صحابي بدوي، ويقال له عمر مات في خلافة عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعث أبا عبيدة بن الجراح‏)‏ اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح ابن هلال القرشي القهري أحد العشرة أسلم قديماً وشهد بدراً مشهور مات شهيداً بمال عون عمواس سنة ثماني عشرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقدم بمال من البحرين‏)‏ قال في القاموس البحران أو البحرين بلد انتهى وقال في المجمع البحران بلد بين البصرة وعمان ‏(‏فوافوا‏)‏ من الموافاة أي أتوال، يقال وافيت القوم أتيتهم كأوفيتهم ‏(‏فأبشروا‏)‏ بهمزة القطع ‏(‏وأملوا‏)‏ من التأميل من الأمل وهمو الرجاء ‏(‏ما يسركم‏)‏ في محل النصب لأنه مفعول أملوا ‏(‏ما الفقر أخشى عليكم‏)‏ بنصب الفقر أي ما أخشى عليكم الفقر، ويجوز الرفع بتقدير ضمير أي ما الفقر أخشاه عليكم والأول هو الراجح، وخص بعضهم جواز ذلك بالشعر، وقال الطيبي‏:‏ فائدة تقديم المفعول هنا الاهتمام بشأن الفقلا ‏(‏فتنافسوها‏)‏ بحذف إحدى التاءين عطف على تبسط‏.‏ من فست في الشيء أي رغبت فيه، وتحقيقه أن المنافسة والتنافس ميل النفس إلى الشيء النفيس، ولذا قال تعالى‏:‏ ‏(‏وفي ذلك فليتنافس المتنافسون‏)‏ والمعنى فتختاروها أنتم وترغبوا فيها غاية الرغبة ‏(‏كما تنافسوها‏)‏ بصيغة الماضي أي كما رغب فيها من قبلكم ‏(‏فنهلككم‏)‏ أي الدنيا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

- ‏(‏قوله عن عروة بن الزبير وابن المسيب‏:‏‏)‏ هو سعيد بن المسيب ‏(‏أن حكيم ابن حزام‏)‏ بن خويلد بن أسد بن عبد العزي المكي ابن أخي خديجة أم المؤمنين، أسلم يوم الفتح وصحب، وله أربع وسبعون سنة، ثم عاش إلى سنة أربع وخمسين أو بعدها وكان عالماً بالنسب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن هذا المال خضرة حلوة‏)‏ أنث الخبز لأن المراد الدنيا شبهه بالرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء المستلذة، فإن الأخضر مرغوب على انفراده بالنسبة إلى اليابس، والحلو مرغوب فيه على انفراده بالنسبة للحامض‏.‏ فالإعجاب بهما إذا اجتمعا أشد ‏(‏بسخاوة نفس‏)‏ أي بغير شره ولا إلحاح أي من أخذه بغير سؤال وهذا بالنسبة إلى الاَخذ، ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي أي بسخاوة نفس المعطي أي انشراحه بما يعطيه، والظاهر هو الأول ‏(‏ومن أخذه بإشراف نفس‏)‏ أي بطمع أو حرص أو تطلع وهذا بالنسبة إلى الاَخذا ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي أي بكراهيته من غير طيب نفس بالإعطاء كذا قيل، والظاهر هو الأول ‏(‏وكان‏)‏ أي السائل الاَخذ الصدقة في هذه الصورة لما يسلط عليه من عدم البركة وكثرة الشره والنهمة ‏(‏كالذي يأكل ولا يشبع‏)‏ أي الذي يسمي جوعه كذاباً لأنه من علة به وسقم فكلما أكل ازداد سقماً ولم يحدث شبعاً ‏(‏واليد العليا خير من اليد السفلى‏)‏ المراد من اليد العليا هي المنفقة ومن اليد السفلى هي السائلة‏.‏ وهو القول الراجح المعول عليه في تفسير اليد العليا والسفلى‏.‏ فعند الطبراني بإسناد صحيح عن حكم بن حزام مرفوعاً‏:‏ يد الله فوق يد المعطي، ويد المعطي فوق يد المعطى، ويد المعطى أسفل الأيدي‏.‏ وللطبراني من حديث عدي الجزامي مرفوعاً مثله‏.‏

ولأبي داود وابن خزيمة من حديث أبي الأحوص عوف بن مالك عن أبيه مرفوعاً‏:‏ الأيدي ثلاثة‏:‏ فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى‏.‏ ولأحمد والبزار من حديث عطية السعدي‏:‏ اليد المعطية هي العليا، والسائلة هي السفلى‏.‏ فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية وأن السفلى هي السائلة وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور قاله الحافظ في الفتح ‏(‏لا أرزاً‏)‏ بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح الزاي بعدها همزة أي لا أنقص ماله بالطلب منه ‏(‏ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئاً‏)‏ قال الحافظ‏:‏ إنما امتنع حكيم من أخذ العطاء مع أنه حقهه لأنه خشى أن يقبل من أحد شيئاً فيعتاد الأخذ فيتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده فقطعهما عن ذلك وترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، وإنما أشهد عليه عمر لأنه أراد أن لا ينسبه أحد لم يعرف باطن الأمر إلى منع حكيم من حقه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو صفوان‏)‏ اسمه عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان الأموي الدمشقي نزيل مكة ثقة من التاسعة عن ‏(‏يونس بن‏)‏ يزيد الأيلي ‏(‏عن عبد الرحمَن بن عوف‏)‏ القرشي الزهري أحد العشرة أسلم قديماً ومناقبه شهيرة، ومات سنة اثنين وثلاثين قيل غير ذلك ‏(‏ابتلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضراء الخ‏)‏ قال في المجمع‏:‏ الضراء حالة تضر والسراء ضدها بناءان للمؤنث لا مذكر لهما أي اختبرنا بالفقر والشدة والعذب فصبرنا عليه، فلما جاءتنا الدنيا والسعة والراحة بطرنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ رواة هذا الحديث كلهم ثقات، إلا يونس ابن يزيد الأيلي فإنه أيضاً ثقة، لكن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن الربيع بن صبيح‏)‏ بفتح المهملة السعدي البصري، صدوق سيء الحفظ وكان عابداً مجاهداً‏.‏ قال الرامهرمزي‏:‏ هو أول من صنف الكتب بالبصرة من السابعة ‏(‏وهو الرقاشي‏)‏ بتخفيف القاف ثم معجمة أبو عمرو البصري القاص بتشديد المهملة زاهد ضعيف من الخامسة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من كانت الاَخرة‏)‏ بالرفع على أنه اسم كانت ‏(‏همه‏)‏ بالنصب على أنه خبر كانت أي قصده ونيته‏.‏ وفي المشكاة من كانت نيته طلب الاَخرة ‏(‏جعل الله غناه في قلبه‏)‏ أي جعله قانعاً بالكفاف والكفاية كيلا يتعب في طلب الزيادة ‏(‏وجمع له شمله‏)‏ أي أموره المتفرقة بأن جعله مجموع الخاطر بتهيئة أسبابه من حيث لا يشعر به ‏(‏وأتته الدنيا‏)‏ أي ما قدر وقسم له منها ‏(‏وهي راغمة‏)‏ أي ذليلة حقيرة تابعة له لا يحتاج في طلبها إلى سعي كثير بل نأتيه هينة لينة على رغم أنفها وأنف أربابها ‏(‏ومن كانت الدنيا همه‏)‏ وفي المشكاة‏:‏ ومن كانت نيته طلب الدنيا ‏(‏جعل الله فقره بين عينيه‏)‏ أي جنس الاحتياج إلى الخلق كالأمر المحسوس منصوباً بين عينيه ‏(‏وفرق عليه شمله‏)‏ أي أموره المجتمعة‏.‏

قال الطيبي‏:‏ يقال جمع الله شمله أي ما تشتت من أمره‏.‏ وفرق الله شمله أي ما اجتمع من أمره، فهو من الأضداد ‏(‏ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له‏)‏ أي وهو راغم، فلا يأتيه ما يطلب من الزيادة على رغم أنفه وأنف أصحابه‏.‏ والحديث لم يحكم عليه الترمذي بشيء من الصحة والضعف وفي سنده يزيد الرقاشي وهو ضعيف على ما قال الحافظ‏.‏

وقال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث‏:‏ ويزيد قد وثق ولا بأس به في المتابعات‏.‏ وقال ورواه البزار ولفظه‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت نيته الاَخرة جعل الله تبارك وتعالى الغنا في قلبه وجمع له شمله ونزع الفقر من بين عينيه، وأتته الدنيا وهي راغمة فلا يصبح إلا غنياً، ولا يمسي إلا غنياً‏.‏ ومن كانت نيته الدنيا جعل الله الفقر بين عينيه، فلا يصبح إلا فقيراً ولا يمسي إلا فقيراً‏.‏ ورواه الطبراني انتهى كلام المنذري‏.‏ وذكر لفظ الطبراني في باب الاقتصاد‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عمران بن زائدة بن نشيط‏)‏ بفتح النون وكسر المعجمة بعدها تحتانية ثم مهملة الكوفي ثقة من السابعة ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو زائدة بن نشيط الكوفي مقبول من السادسة ‏(‏عن أبي خالد الوالي‏)‏ بموحدة قبلها كسرة الكوفي اسمه هرمز ويقال هرم مقبول من الثانية وفد على عمر‏.‏ وقيل حديثه عنه مرسل فيكون من الثالثة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن الله يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي‏)‏ أي تفرغ عن مهماتك لطاعتي ‏(‏أملأ صدرك‏)‏ أي قلبك ‏(‏غني‏)‏ والغنى إنما هو غنى القلب ‏(‏وأسد فقرك‏)‏ أي تفرغ عن مهماتك لعبادتي أقضي مهماتك وأغنيك عن خلقي، وإن لا تفعل ملأت يديك شغلاً، وتسكن للتخفيف‏.‏ ولم أسد فقرك أي وإن لم تتفرغ لذلك واشتغلت بغيري لم أسد فقرك لأن الخلق فقراء على الإطلاق فتزيد فقراً على فقرك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي في كتاب الزهد، وقال الحاكم صحيح الإسناد وقال المناوي‏:‏ وأقروه‏.‏

سؤال وجواب في الطلاق محدث

7. الجزء السابع من سؤال وجواب في الطلاق   زيادة يوم 27-7-2021   *******   ج   7. اضافة أخري من ص 142.الردود ص 16. س53. ترقيم س1...