ب اوه

بي اوهو

نوشيرك بريد /الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟ /وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام  /المقحمات ا. /قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا/ المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر / /ُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما /ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

الخميس، 22 سبتمبر 2016

كواعب أترابا

(كواعب أترابا)النبأ33 :
"" أي وحورا كواعب قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد "كواعب" أي نواهد يعنون أن ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عرب أتراب أي في سن واحد كما تقدم بيانه في سورة الواقعة قال ابن أبي حاتم حدثنا عبدالله بن أحمد بن عبدالرحمن الدستكي حدثني أبي عن أبي سفيان عبدالرحمن بن عبدالله بن تيم حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث عن أبي عبدالرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي عن أبي أمامة أنه سمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن قمص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله وإن السحابة لتمر بهم فتناديهم يا أهل الجنة ماذا تريدون أن أمطركم؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب
"وكواعب أتراباً" الكواعب جمع كاعبة: وهي الناهدة، يقال: كعبت الجارية تكعب تكعيباً وكعوباً، ونهدت تنهد نهوداً، والمراد أنهم نساء كواعب تكعبت ثديهن وتفلكت: أي صارت ثديهن كالكعب في صدورهن. قال الضحاك: الكواعب العذارى. قال قيس بن عاصم:
وكم من حصان قد حوينا كريمة  وكم كاعب لم تدر ما البؤس معصر

والأتراب: الأقران في السن، وَكَوَاعِبَ}، أي نساء تكعبت ثديهن {أَتْرَاباً}، أي مستويات في السن على ثلاث وثلاثين سنة.
وكواعب يعنى النساء الكاعبة يعنى عذارى يسكن في الجنة للرجال وقسموا لهن أترابا يعنى مستويات على ميلاد واحد بنات ثلاث وثلاثين سنة وذلك أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة قام ملك على قصر من ياقوت شرفه كاللؤلؤ المكنون فينادى بصوت رفيع يسمع أهل الجنة أولهم وآخرهم وأسفلهم وأعلاهم فيقول أين الذين كانوا نزهو ا أسماعهم عن قينات الدنيا ومعازفها قال ويأمر الله عز وجل جوارى فيرفعن أصواتهن جميعا...
وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً ) أى : فتيات فى ريعان الشباب ، قد تقاربت أعمارهن ، وتساوين فى الجمال والنضارة وحسن الهيئة ..
وَكَوَاعِبَ } جمع كاعب وهي المرأة التي تكعب ثدياها واستدار مع ارتفاع يسير ويكون ذلك في سن البلوغ وأحسن التسوية { أَتْرَاباً } أي لذات ينشأن معاً تشبيهاً في التساوي والتماثل بالترائب التي هي ضلوع الصدر أو لوقوعهن معاً على التراب أي الأرض و نساء الجنة كلهن بنات ست عشرة سنة ورجالهن أبناء ثلاث وثلاثين..)
صحيح مسلم   " أقل ساكني الجنة النساء "
فيقول عليه الصلاة والسلام ( لو بسقت في البحر المالح الأجاج لصار عذبا فراتا بإذن الله )
عُرباً : جمع عَروبة: وهي المرأة التي يفصح حالها عن عفّتها، وحبّها لزوجها، فهي حبيبة، شديدة العشق والتعلق بزوجها..
الحور: جمع حوراء وهي التي يكون بياض عينها شديد البياض، وسواده شديد السواد.
العين: جمع عيناء، وهي واسعة العين.
كما جاء في وصف الحور بأنهن كواعب أتراب، فقال - تعالى -(إن للمتقين مفازا، حدائق وأعنابا، وكواعب أترابا)
والكاعب: المرأة الجميلة التي برز ثدياها.
والأتراب: المتقاربات في السن، والحور العين من خلق الله في الجنة، أنشأهن إنشاء، فجعلهن أبكارا، عربا أترابا(إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا) والعرب: المتحببات إلى أزواجهن، وكونهن أبكارا يقتضي أنه لم ينكحهن قبلهم أحد كما قال تعالى (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان)
(وحور عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون) والمراد بالمكنون: المصان الذي لم يغير صفاء لونه ضوء الشمس، ولا عبث الأيدي، وشبههن في موضع آخر بالياقوت والمرجان (فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، فبأي آلاء ربكما تكذبان، كأنهن الياقوت والمرجان)، والياقوت والمرجان حجران كريمان لهما منظر حسن بديع، وقد وصف الحور بأنهن قاصرات الطرف، وهن اللواتي قصرن بصرهن على أزواجهن، فلم تطمح أنظارهن لغير أزواجهن .
في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أبي   والحديث عن أول زمرة تدخل الجنة - (ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن).
(ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) رواه البخاري.
و في سنن الترمذي وسنن ابن ماجه بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوته منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقربائه).

ذكر ابن وهب عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: والله الذي لا إله إلا هو لو أن امرأة من الحور العين أطلعت سوارها من العرش لأطفأ نور سوارها الشمس والقمر فكيف المسورة وأن ما خلق الله شيئا تلبسه إلا عليه ما عليها من ثياب وحلي.وقال أبو هريرة إن في الجنة حوراء يقال لها العيناء إذا مشت مشى حولها سبعون ألف وصيف[عن يمينها ويسارها كذلك] وهي تقول: أين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
وقال ابن عباس: إن في الجنة حوراء يقال لها لُعبة لو بزقت في البحر لعذب ماء البحر كله. مكتوب على نحرها من أحب أن يكون له مثلي فليعمل بطاعة ربي - عز وجل -.
غناء الحور العين:
ومن تخاريف الطبري أورد الآتي" في معجم الطبراني الأوسط بإسناد صحيح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط. إن مما يغنين: نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام، ينظرن بقرة أعيان، وإن مما يغنين به: نحن الخالدات فلا يمتنه، نحن الآمنات فلا يخفنه، نحن المقيمات فلا يظعنه).
وعن أنس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الحور العين لتغنين في الجنة، يقلن: نحن الحور الحسان، خبئنا لأزواج كرام).
صفة الحور:
ذكر ابن القيم في كتابه بستان الواعظين صفة الحور: في نحرها مكتوب أنت حبي وأنا حبك لست أبغي بك بدلا ولا عنك معدلا. كبدها مرآته وكبده مرآتها يرى مخ ساقها من وراء لحمها وحليها كما ترى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء، وكما يرى السلك الأبيض في جوف الياقوتة الصافية.)))
ذلك كان عينةً مما تحتويه كتب التراث وقد أصبح ذلك مدعاةٍ للسخرية من ممن لا يريدون لهذا الدين خيراً, واستغلالاً من التنظيمات الفاشية التي تنتحل صفة "الإسلامية"  والذين يعدون أتباعهم بحورٍ عين من خلال قتل خلق الله ..
70 حوريةً   إن بصقت  إحداهن في بحرٍ لحولت ماءه الأجاج إلى ماءٍِ عذبٍ فرات...
...وإني لأتسائل  ولعل الكثير منكم فعل: ما هو موقف المراة المسلمة والتي تتبع ما يتبع الناس ..الشيوخ وفهمهم المتخلف لكتاب الله تعالى ...ما هو موقفها والشيوخ أفهموها على محطاتهم  وكتبهم وإذاعاتهم انها  ستقف في دور المتعة  خلف الحور العين , الأفضل منها في الخلق , بانتظار ان يفرغ زوجها من الجنس الذي  يبدو انه لا ينتهي..   ..ألا تشعر المرأة بالمهانة والدونية عندما تقرأ تلك العينات التراثية؟؟ هل هذه  العدالة الإلهية؟؟ كلا ورب الكعبة.. ..
وقبل الدخول في صلب الآيات الكريمة التي تتناول الحور العين لا بد من إيضاح  مفهوم كلمة  "زوج"  "ازواج"  من الكتاب المنير  والتي طمست معانيها من قبل المستعربين وغلب عليها فقه التلف.....
مفهوم "الزوج"
...من قرأ هذه الكلمة الآن فلا بد  أن  مفهوم الكلمة لديه سيقفز فوراً باتجاه أن المقصود بها هو الرجل الذي  نكح او عرفاً "تزوج"..وكما في نحو المستعربين وقواعدهم أصبح لدينا ""زواج وزوجة وتزوج.... على أن الحقيقة في كتاب الله عز وجل أبعد ما تكون عن ذلك تماماّ...
إن المصطلح الموجود في القرآن الكريم الذي يصف  ارتباط  المرأة والرجل  في علاقة شرعية هو النكاح.. والذي بين قواعد مشروعيته سبحانه وتعالى في مواضع مختلفة... ..وها هي مواضع ورود الفعل والإسم في   القرآن الكريم, يقول تعالى(وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً) النساء 22  ..ويقول سبحانه أيضاً(فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) البقرة230 ....( وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)البقرة221  ....( َمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا)..( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)النساء3..  (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة235....( وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)البقرة237 .....( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا) النساء 6...
(وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
إذاً المصطلح الذي يستخدمه الحق تبارك وتعالى "نكح"  لا تزوج...
و أغلب قارئي القرآن الكريم يقرؤون ويفهمون  مصطلح("الأزواج) من سياق النص القرآني بأن المعني بها  فقط من " تزوجت" أي "نُكِحت"  (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) النور 6....(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)الأحزاب 50.....( إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ )المعارج 30...( وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ)الممتحنة11.....( إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)المؤمنون6...(.....و َمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا

( َإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ...)التحريم 3...
.صدق الله العظيم...
في المقام الاول , إن مصطلح" زوج" (لا زوجة) و"أزواجه" "ازواجهم" و "ازواجك"  كما وردت في القرآن الكريم لا (" زوجاته" زوجاتك,زوجاتهم )( يدل دلالةً قاطعة  على أن المعني بها هم النساء.. لا  شك في ذلك...وقد وردت احياناً كلمة" زوج " في حق الرجل بدليل قوله تعالى(فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) ولهذا  توضيحٌ في مكانه ان شاء الله..
وكلمة "ازواج"" في الحقيقة لا علاقة لها على الإطلاق   بالنكاح وصفة المرتبطين فيه..و أغلب الناس يرتكبون خطأً كبيراً في تدبر القرآن الكريم  عندم ينسبون كلمة(" زوج,ازواج)  إلى المرأة التي عقد قرانها أو نكحت   كما ورد في السور الآيات المتعددة , وكذلك عندما يفعلون بالنسبة للرجل"زوج" في اماكن ورودها... ومعنى"زوج,ازواج"  في القرآن الكريم يشيرٍ إلى شيءٍ آخر تماماً , مع التأكيد على أن الآيات السابقة الذكر في مبناها  تشير بوضوحٍ وجلاءٍ إلى  نساءٍ  تم عقد نكاحهن من قبل كما يفهم  من خلال السياق  , وعندما يكون المعني ب"الزوج" رجلاً.فذلك أيضاً ينطبق عليه بانه في رباط النكاح ,  وهذا مبنيٌ ايضاً على  السورٍ الاخرى التي حرمت الزنا وعدم الإقتراب من أي امراة حرةً كانت ام  من ملك اليمين  والعكس أيضاً إلا من خلال  الخطبة فعقدة النكاح   فقط..
لأن الحكم التشريعي في القرآن لا يؤخذ من موضعٍ واحد ..  يقول تعالى(وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) الإسراء 32 . ويقول تعالى أيضاً ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)النساء3..  هنا  توجيهٌ للرجل بأن ينكح  امراةً من المحصنات عند وفاة امرأته التي خلفت له أطفالاً أو وقوع الطلاق بينهما ((استبدال الزوج))وبحاجةٍ لمن يرعي له اطفاله ,فإن لم يقدر مادياً, فله ان يتزوج خادمته التي تسكن بيته,ما ملكت يمينه   , و نكاحها لن يكلفه كما سيكلفه إن فعل من محصنة..لأن الخادمة تعيش على نفقته .وعليه ان يستأذن من أهلها كما اكد قوله تعالى (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ..)

.....والملاحظ  و في كثيرٍ من المواضع على ان" ما ملكت أيمانكم" تتبع الكلمة" أزواج" أو المحصنات" وفي هذا إشارة بيانية  عظيمة كما سيأتي ..... ومصطلح ملك اليمين ناتجٌ عن الفوارق الطبقية والإجتماعية وليس ناتجاً عن السبي والحرب كما يقول مزوروا التاريخ بدليل قوله تعالى(فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ..) واهلهن تشير بشكلٍ قاطع ألى الأب والام اللذان ندبا ابنتهما   للعمل كخادمة او ""جارية""  للأعمال التي تتطلب التنقل الطواف  كالذهاب مثلاً لشراء الحاجيات.. بسبب الفقر وضيق الحال.. كما يكون ملك اليمين من الرجال أيضاً.. وهذا ليس من هيكلية الإسلام التشريعية بل من سوء العدالة البشرية التي تكُّون دولاً من الأغنياء بين الناس..و تعطيل مشروعية زكاة المال التي تكون بتزكية النفس بإنفاق المال والترفع عن حب شهوات الدنيا....

نعود إلى مدلول ومعنى " زوج, ازواج "  كما ورد في القرآن الكريم ,يقول  تعالى (يقول الحق تبارك وتعالى"((وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ* وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ* وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)التكوير 9.
أن معنى "زوجت" هنا  لا يعني النكاح (زواج بلغة المستعربين)  ولا يعني عودة"النفس" او"الروح" إلى الجسد لأنها عادت من قبل إلى بارئها(سيكون هناك بحث في الروح وهو من المتشابه في القرآن الكريم)..
ومعنى "ُزوجت " هنا هو "ٌصنفت" وقسمت  وحددت لقوله تعالى  (وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً*فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ*وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ*وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ*أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ*فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ*ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ*وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ)    و"زوجت"   تعني    دخول رجال ونساء (ثنائيات أو اكثر)    في التصنيفات الثلاث التي ذكرها  الله سبحانه, مؤمنين وكافرين كل في فئته... و"السابقون" هم المؤمنون الذين جاهدوا مع الانبياء والرسل والصالحين و "ألآخرين" هم الذين أتوا من بعدهم و اتبعوهم بإحسان..ونلاحظ قلة أعداد اهل الجنة (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ*وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) صدق الله العظيم..نسأل الله تعالى السلامة.. إذاً من معاني "زَوجَ"   هو التصنيف..وأحياناً بثنائيات إذ ليس من  الضرورة ان يدخل مقابل كل امرأة في  الجنة رجل..
ويقول الله تعالى أيضاً(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)الشورى50.."ومعنى قوله تعالى "يزوجهم" كما ورد من قبل هو ان يجعل إنجاب المرأة في توائم مثاني او ثلاث او رباع أو حتى أكثر.. إذاَ معنى "يزوجهم" هنا هو التثنية والمضاعفة...
ويقول تعالى أيضاً(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)الرعد 3..وهنا يشير قوله تعالى "زوجين" إلى   ألوان الثمار, و يشير أيضاً إلى بيان عملية نشوء الثمرة عبر عملية تلقيح  الازهار من خلال ثنائيات   ...و   يشير قوله تعالى أيضاً إلى الثمر والبذار أو(الثمرة الداخلية :اللب) كما تجد مثلاً في جور الهند:شراب سائل وثمرة صلبة..ومن قبل تلقيحٌ من نوعين..
ويقول تعالى((هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ* وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ* هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ)ص 59..ويشير معنى" ازواج" هنا إلى مضاعفة العذاب , والحميم   من شراب اهل النار وأصبح شراباً لكثر ما سُعر من نار الجحيم والغساق من طعامهم وسمي لذلك  لكثر ما يحدثه من غصاتٍ أليمة لآكله... وزوجه هو خليطٌ من الإثنين وبأشكالٍ اكثر لمضاعفة العذاب...
بعد كل هذا العرض والبيان من القرآن..هل اتضح معنى "زوج,.ازواج "؟؟؟
..الجواب لا لكن الصورة الآن أصبحت أقرب إلى الذهن.. وهي ان كلمة" زوج" تعني مثنى او اكثر.وقد استخدمها الحق تبارك وتعالى كما سبق الإشارة إليه لوصف  فردٍ واحد رجلاً كان ام امرأة... فما هو وجه بيان ذلك..؟
يقول الحق سبحانه "(وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)صدق الله العظيم.. هذه هي القاعدة التي على أساسها أحل الله تعالى للمؤمنين النكاح فقط من مؤمناتٍ    من الطبقات الإجتماعية  المذكورة سواء كن محصنات او ملك يمين وغير ذلك لا يجوز(
وكما نرى في  قوله تعالى هنا قد ورد صفتان: محصنات مؤمنات , ثم ملك يمين  مؤمنات . والمحصنات هن ذوات الحسب والنسب من العائلات الغنية و من العائلات المتوسطة حتى بحيث لا يقدر الفقير  من التقدم لخطبتها لأن حصنها الأجتماعي يقف عائقاً أمامه لإنعدام التكافأ..ومن لم  يستطع أن ينكح المحصنات فله مما ملكت يمينه.. وقد ورد اشتراط الإيمان للنكاح أيضاً في قوله تعالى(وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)البقرة221  صدق الله العظيم.
والآن تكتمل الصورة الكبرى بكامل جوانبها  وما هو المعني بقوله تعالى "زوج, ازواج)   . ونعود لبعض الآيات السابقة  في دراسةٍ عملية...
....(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا*تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا*لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)الأحزاب
بدايةً إن مصطلح (النبي ) نابعٌ من مصطلح( الرسول)  ,لان "الرسول" هي خصوصيةٌ  لمحمد ص من الله تعالى لا تنبغي لأحدٍ غيره من المؤمنين. و"كلمة " النبي" هي خصوصية محمد ص بين المؤمنين من مقام الإتباع, وخصوصية النبي هي خصوصية تشريعية يجب على سائر المؤمنين اتباعها. وما كان لهذا الإتباع ان يكون لولا كان محمدٌ رسول الله  تعالى  وبإذنه... وعندما يقول الله تعالى (....(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ)  فهو سبحانه يخاطب هنا للنبي ص  ..وقد احل الله تعالى  النكاح الذي قام به النبي ص قبل الإسلام والذي عقد على شرع الجاهلية   وبانه لا يلزم النبي ص عقد نكاحٍ جديد .. ونحن نعلم ان النبي ص تزوج مرةً واحدة قبل بعثه رسولا ص...
فما هو تفسير الجمع هنا ب "ازواجك "؟؟؟
التفسير هو كما قلنا من قبل انه عند ورود "كلمة" النبي: فإنها تاتي من مقام الصفة التشريعية, ولو أن الله تعالى استخدم كلمة"زوجك",,,, والمقصود بها  أم المؤمنين خديجة  رضي الله تعالى عنها لأنها كانت غنيةً ومن المحصنات وكان الرسول فقيرأً عندما نكحها بعدما ضاعت ثروته في شبابه التي ورثها في الجاهلية عن أبيه وامه,,,, و لكان الخطاب قد بقي في النطاق الخاص الضيق ولسقط النص القرآني في  مجال"التأريخ" الشخصي..لكن الله تعالى استخدم  صيغة  الجمع" ازواجك" للخروج من العام إلى الخاص.. ومن التأريخ إلى التشريع ليكون قدماً ومثالاً بالإتباع لكافة المؤمنين الذي نكحوا نسائهم على شرع الجاهلية..وعندما نزلت السورة الكريمة,   علم المؤمنون منها خيراً بأن ما نزل بحق النبي ص  قد شملهم من مقام الإتباع, و قد أصبح هذا كحكمٍ شرعيٍ متحرك لكل زمان ومكان .. فمن تزوج على شرعٍ غير شرع الله تعالى., وقد اسلم لاحقاً فله ان يبقى كما هو وليس عليه ان يطلق زوجته وينكحها بعقدٍ جديد طالما انه أعطاها مهرها المستحق.....
ونعود إلى معنى""" ازواج"""" ...ونستنتج هنا ان المعني به من قوله تعالى " ازواجك""ازواج" ازواجهم"" هن المحصنات المؤمنات .. فكلمة" أزواج او زوج" تعني تعدد الصفة  في
1.  الإيمان  
2.والإنتماء الإجتماعي وهن المحصنات اجتماعياً.. التي أشملها  وأجملها الله تعالى بكلمة "زوج".. و مبنى الآية الكريمة يدل بشكلٍ قاطع على عقد نكاحٍ سابق بدليل قوله(("(....(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ )) الاجور هي المهر..""...وقد جاءت " (وما ملكت يمينك مما أفاء الله  عليك)"  لتكمل الصورة التشريعية بوصف الإيمان والطبقة الإجتماعية الادنى..
وعلى خلاف ما يعتقد به أغلب الناس فقد ضيقت الآية الكريمة الخيارات على النبي ص  في النكاح بالزواج من مؤمناتٍ  محصناتٍ قرشيات فقط, فهل حرم الله تعالى على أي مؤمنٍ ابنة عمه مثلاً؟؟؟ ..  ..والله تعالى وحده عالم الغيب والشهادة هو الذي اختار  نساء النبي ص اللاتي  سيكن على الإستقامة بعلمه سبحانه..وفتح الآية يخبرنا انه للمؤمن ان يتزوج ممن حوله من  الأقرباء اولاً... فقد احل الله تعالى له النكاح من ما ملكت يمينه إن أراد, ولا تعني الآية الكريمة على الإطلاق أن النبي ص قد تزوج من ملك يمينه  وهذا ما تبينه السور الاخرى.. وقد خُير النبي ص بان يقبل عرض امرأةٍ وهبت نفسها له عليه السلام , ... وقوله تعالى(قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) يدحض ما قيل من افتراءٍ بحقه عليه السلام. فإذا كان الله تعالى عالم الغيب والشهادة قد علم سلفاً بالمرأة التي ستهب نفسها للنبي ص , وقبل ذلك قدَّر نصيب كل المؤمنين حول الرسول بان حدد لهم  بعلمه المسبق من سينكحون سواء من المحصنات او من ما ملكت أيمانهم حتى لا يقع الحرج على النبي عندما تهب تلك المرأة المؤمنة نفسها له بأن لا يتقدم لها احدٌ من المؤمنين..مع العلم ان النبي ص حر أن يقبل بها  او لا يقبل..وهذه امرأة حرة ..ليست على عقد نكاح....فكيف يقول  الحمقى من يسمون انفسهم علماء ان قوله تعالى(َإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ..) قد نزلت في حق الرسول ص,وقد خاف الناس ولم يخف الله , وبانه فسخ عقد نكاح  مؤمنين حتى تكون المرأة من نصيبه...؟؟  إذا كانت  تلك المرأة التي نكحها أحد المؤمنين حقاً لرسول الله ,فكيف لم يجري في حقها ما جرى في حق امرأةٍ أخرى  حرة وليست على نكاح(قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) ؟؟؟
وأما قوله تعالى(تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) فهو خطابٌ جامع لكل من سيتزوجهن النبي ص في حياته بأن يراعين خصوصيته كرسول مهمته التبليغ, وان يبغين الآخرة...لا الحياة الدنيا وقد ينقطع عنهن لفترةٍ , او يقتصد عليه السلام في الإنفاق فلا يعشن حياةً مترفة ,وذلك ينطبق  على أي واحدةٍ منهن :يرجي أو يؤوي أي واحدةٍ منهن..وذلك أدنى حتى لا يحزنَّ فيعكرنَّ صفو بيت النبي,  ويعلمن عدالة الله تعالى التي لا تفضل احداهن على الأخرى..فيرضين ويمتثلن ..ولا يقارنَّ   حظ بعضهن   ببعض....
وهذا الخطاب في فتحه هو للرجال الصالحين من هم على قدم الرسول ص... واما قوله تعالى(لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ) فهو   إرشادً أنه عندما يصل النبي في النكاح إلى أربع مما حدد له الله تعالى من بنات عمه وخاله ....,لا تحل له النساء من بعد ذلك لقوله سبحانه(مثنى وثلاث ورباع) ..وينبهه تعالى انه حتى لو أراد عليه السلام ان يطلق  (زوجه : المؤمنة المحصنة)  ليتزوج اخرى من ضمن الفئة التي احل الله تعالى له فلا يحل له ذلك...عدا ما ملكت يمينه..كما وسنرى فيما بعد انه عليه السلام لم ينكح منهن على الإطلاق... ولم يطلق أحداً منهن..
وللتعريف بالصفة التشريعية للنبي  ص نورد أيضأ قوله تعالى(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) الطلاق1
. ونلاحظ الخطاب بالجمع للنبي ص على من منطلق الصفة التشريعية التي تمتد  إلى عموم المؤمنين" طلقتم", ولم يقل تعالى(طلقتَ)..وإلا لكان حصر ذلك في الرسول ص فقط... وبيان ذلك أنه عندما يقع الطلاق
فلا يكون نافذاً إلا بعد انتهاء العدة التي طلب سبحانه من المؤمن إحصائها.. والعدة هي فترة تشاورٍ وتفكير.. ولاستبراء الرحم....  والطلاق لا يتم إلا  بناءً على تشاور الزوجين(وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )ا لبقرة ...227وفي حال تراجعا وتصالحا.. قبل انتهاء العدة فلا يلزمهما
عقد نكاحٍ جديد على ان يصوم الرجل 3 أيامٍ كفارة يمين الطلاق...
..وبمطلق الأحوال: إن ورود كلمة " أزواج" في صيغة الجمع  في أي خطابٍ للنبي هو لهدفين :1. الصفة التشريعية لعموم المؤمنين   الذين هم على  قدم و مقام الإتباع الإيماني للنبي ص... وهذا من صفات الحركة والفتح التشريعي لكتاب الله تعالى..
2. ان الخطاب بالجمع" ازواجك" جاء في صيغة الفتح في حياة رسول الله ص أيضاً..فهو لم يتزوج واحدة فقط  بل جاء الخطاب للمرأة الحالية ولمن ستاتي بعدها (زوجات النبي ص  أربعٌ فقط)...
.. واما الدليل على أن النبي ص لم يتزوج من ملك يمينه هو قوله تعالى (....و مَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا).. الخطاب هنا  هو "للرسول" وهي الصفة الخاصة له من الله تعالى..ومنطلق الخطاب ومبناه موجهٌ للمنافقين والمشركين والذين في قلبهم زيغً  والذين يريدون اذية النبي ص عبر ازواجه والنيل منهن..وقد  بين الله تعالى هذا التآمر على النبي ص وعلى نساءه والذي وضع له اجلٌ للتنفيذ بعد ان يتوفي النبي.. و يبين ويفصل
قوله تعالى ( ولا أن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا) أن نساء النبي ص هن من المحصنات المؤمنات فقط  ,ولم تذكر بعدهن ملك اليمين المؤمنات ما يدل على ان النبي  ص لم ينكح بالمعروف من ملك يمينه أبداً  وقد  أفاء الله تعالى عليه من مال غنائم الحرب  من قبل, و اشترى  منه خادمات وأصبح له ملك يمين, وعليه لم ينكح الرسول ص كتابيةً من اهل الكتاب على الإطلاق...

وبالعودة إلى مصطلح "" زوج,  ازواجك,ازواجهم"""" هذه امثلةٌ اخرى من كتاب الله تعالى وكيف يتبع مصطلح" ما ملكت أيمانكم  مصطلح"(ازواج) , وقد قام بعض المنحرفين بإساءة تاويل بعض الآيات القرآنية لإباحة الزنا من ما ملكت أيمانهم وهذا سارٍ في بعض الدول العربية حالياً والتي تتسم بالغنى(.....(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ )المعارج 30 .( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)المؤمنون6..وتدل هنا ازواجهم" بشكلٍ قاطع على المؤمنات المحصنات.. وكل من "( ازواجهم)" المحصنات المؤمنات أو ما ( ملكت أيمانهم) من المؤمنات هن على  عقد نكاحٍ سابق كما يدل مبنى  الآيات الكريمة  لأن حفظ الفرج  لا يكون إلا بالإمتناع عن الزنا  الذي حرمه الله  وتحليله هو
وهناك استثناءات في  القرآن الكريم تاتي فيها (المحصنات)   بمعنىً يشمل كل الطبقات الإجتماعية  :
1. وتشمل المحصنات اجتماعياً  بنات العائلات الميسورة والطبقة الوسطى و ملك اليمين المؤمنات من الخادمات والجواري,  وقد أضيفت صفة "الاحصان" (للفرج ) بعد النكاح للمحصنات اجتماعياً وملك اليمين على السواء عند الإتهام لهن بالفاحشة  من الخارج ,ومالم يثبت ذلك فهن محصناتٌ لفروجهن, ويبين الله تعالى منهاج عدالته بالإشارة لهن على حدٍ سواء وبيان منهج التحقق من ذلك وإلا كان  العقاب لصاحب الإفك  على نفس الدرجة كما جاء في  سورة النور ( والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة)النور4 ...والإحصان للفرج بعد النكاح لملك اليمين يظهر في قوله تعالى وكذلك عقوبتهن إن ثبتت عليهن (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ...

2.و(المحصنات)  في سورة النورأيضاً (( والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة)النور4  تعني على  قاعدة فتح الآية في المعنى أيضاً  المتعففات اللاتي احصن فرجهن ولم يتزوجن بعد سواء من ما ملكت أيمانكم او من المحصنات اجتماعياً ,( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ)الأنبياء 91  .
من الإستثناءات أيضاً , تاتي   (ازواجهم)  بمعنىً شمل الزوج الإجتماعي من مختلف الطبقات: ملك اليمين المؤمن والمحصنات  اجتماعياً المؤمنات  لا  الرمي الزنا هنا لا يفرق بين امرأةٍ وأخرى  (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) النور 6 ..    وقد وحدهن الأتهام في قالبٍ  لفظيٍ واحد, إذا كان الإتهام من قبل المرء لامراته..وربما يشير فتح الآية إلى زمنٍ ينتهي فيه ملك اليمين  ويبقى ""زوج""  حصراً المحصنات المؤمنات فقط ويصبح كله  المجتمع هكذا لا إماء فيه....
ويرد نفس المعنى في قوله تعالى  (..وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً)النساء 20.. ويعني ""زوج"" هنا المحصنات  اجتماعياّ وما ملكت أيمانكم في حال الإتفاق على الطلاق....ويشير فتح الآية أيضاً إلى زمنٍ ينتهي فيه ملك اليمين  ويبقى ""زوج"" المحصنات المؤمنات فقط.. وهذه الآية ترتبط تشريعياً بالآية 3 في سورة النساء..
وبالعودة إلى (زوج) ورودها  في حق الرجل لقوله تعالى  (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ..) 230 البقرة...فنبين التالي:
كما نرى فقد سمى الله تعالى الرجل هنا"" زوجاً""...والآية الكريمة متعلقة هنا برجلٍ طلق امرأته..والطلاق في الإسلام  هو نتاج  تفاهم بين  الرجل وامراته لقوله تعالى(وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة227 ..ويمين الفراق التنفيذية يرميها الرجل وهذا هو معنى الرفع له درجة(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)..والطلاق مرتان , وبعدها لا تحل له مرةً اخرى حتى تنكح ""زوجاً "" غيره...فلماذا سمى الله تعالى الرجل هنا "(زوجاً) إذاً  ؟؟
ما نراه على أرض الواقع من استغلالٍ دنيءٍ  لكلام الله تعالى وما يسمونه قبحهم الله ب" المحلل".. هو نتيجةً لعقلية متخلفة تظن انها تستطيع الإلتفاف   على كلام الله تعالى ونسوا ان أن كلام الله تعالى لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه. ونسوا ان الله تعالى محيطٌ بهم ولا يحاط به...ونسوا أنهم رادون لمعادٍ..
لقد  ذكرت في اول الموضوع أن  عقد النكاح يبنى على الإحصان الدائم..والإحصان متبادل..وأن الإيمان مطلوب في الطرفين وبغيره لا يحل عقد القران.. ومن انفصل عن امرأته  يكون قد حاز الإحصان خلال فترة نكاحه منها,ولذلك أشار الله تعالى إليه وأشار للرجل  القادم والذي ستنكحه مطلقته بلفظٍ واحد(حتى تنكح "زوجاً " غيره) ""زوجا"" لأنه,أي الرجل السابق قد  حاز الثنائتين 

1. ( الإحصان)  خلال فترة معيشته مع مطلقته السابقة ولم يرتكب الزنا وإلا لحرمت عليه للأبد..إن فعل,
2. و ما زال  على صفة( الإيمان )  وأما الرجل المقبل والذي ستنكحه مطلقته السابقة فسمي ""زوجاً"" لأن :
  1. أساس اقترانه منا هو على أساس "الإحصان الدائم""للفرج""..لا رغبةً عابرة أو لاتخاذ اخدان  وأسباباً خفية  كالمحلل  .. وهذه الصفة الأولى..
  2. يجب ان يكون مؤمناً .. وهذه هي الصفة الثانية (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)البقرة221 ..أما قوله تعالى (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ) الرعد23.. القول هنا مفتوح  لجميع المؤمنين الصالحين من رجالٍ  و(ازواجهم) أي النساء من كل الطبقات على مر الأزمنة..
وبناءً على ما سبق, نفهم قوله تعالى(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى)النجم 45... وقد جرى تفصيل ما ورد بشأنه بالنسبة لتسمية كلاً من الرجل والمرأة ""زوجا".  وهذا التفصيل لبعض الآيات في معاني" زوج" من القرآن المنير هو لضرورة الموضوع ولشدة اهميته لتفصيل السور المتعلقة بالحور العين حتى   لا يتصف المقال بالنقص ..

والآن سنحلل الآيات الكريمة من السور المتعددة التي وردت فيها  ""الحور العين"" وسنرد بحول الله تعالى على كل الشبهات التي تسيء إلى كتاب الله عزوجل ودينه القيم.. يقول الحق جل وعلا((فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ* فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ*)الرحمن 58
بدايةً  لا بد من القول ان الله سبحانه وتعالى يبين ويفصل آياته...وعندما يحدث لديك لبسٌ في كلمةٍ ما  فلا بد  ان تنظر إلى مبنى الآية اولاً,ثم تبحث بعدها عن فتح الكلمة القرآنية والتي ستجدها في نفس الآية وتجد أضافات لها بالمعنى في  موضعٍ  آخر من القرآن الكريم... و الخطاب موجهٌ للإنس والجن في سورة الرحمن هو (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ *خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ*وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ*فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الرحمن 16...  ...وكلمة الإنسان في القرآن هي مثنى من  "إنسي" و "إنسية"  وجمعها"الإنس" .. وكما قلنا في أول المقال فالله تعالى يعتبر الرجل و المرأة باجتماعهما نفساً واحدة.. وعندما يخاطبهما بالعموم فيكون ذلك كخطابٍ لنفسٍ واحدة  : يا أيها الإنسان: أي رجل وامرأة ..
وعندما يوجه الله تعالى الخطاب لأهل الجنة  بصيغة الجمع فلن تميز فيهم رجلاً او امرأة..بل سترى إضافات على أهل الجنة مثل "الحور العين, الولدان المخلدون..
أما قوله سبحانه وتعالى في خطابه للإنس والجن  (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) فلا بد أن يعلم  من مبنى  الخطاب هنا ذوو العقول النيرة لا المظلمة ان أصلهن,أي الحور العين,, هو من الدنيا..وأنهن يرجعن بأصولهن إلى الحياة الدنيا بدليل قوله  تعالى( قبلهم).. فلو كنُّ من خلق الجنة لكان الخطاب غير ذلك على الإطلاق...
إذاّ من  قوله تعالى ندرك ان "الحور العين" هن  إناثٌ من أهل الدنيا. من كلا الطرفين: من الإنس والجن.. ويتكرم الله تعالى علينا بمزيدٍ من التفصيل والبيان
ويخبرنا أنهن غادرن الحياة الدنيا... ولم يصلن إلى سن البلوغ والطمث... وبالتالي لم ينكحهن أحدٌ من الإنس والجن...فمن هنَّ يا ترى؟؟
بالنسبة للإنس:  إنهن الفتيات الطاهرات  البريئات الضعيفات الجناح واللاتي قضين موتاً من مرضٍ او جوعٍ  او قتلاً  أو وئداً (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ* وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)التكوير 9..ومن تلك الفتيات البريئات الموؤدة...
ولا بد من التعريف هنا ان كل فتاةٍ او ولد ما  لم يصلوا إلى سن البلوغ والتكليف فهم في حصن الله تعالى وكفالته..وإن ماتوا قبل ذلك وفي أي سنٍ كانوا,  فإنهم  يبعثون  وينشؤون على عمرٍ واحد وجسمٍ واحد كما سياتي بيانه...
وقوله تعالى( قاصرات الطرف) من أجمل وادق وابلغ وأفصح كلامٍ  سمعته على الإطلاق في حياتي ولا اعتقد أنني سأسمع بمثل عظمة هذا الكلام.... وهذا الإعجاز البياني  في قوله تعالى ""قاصرات الطرف"" لا يعني كقول السادة العلماء   أن المعني بهن  تلك النساء من خلق الجنة  اللاتي  يقصرن طرفهن(انظارهن) على  رجالهم الفحول...
فإذا كنت تقول أخي الكريم و اختي الفاضلة  قصر اليد هو العجز وقلة الحيلة..فكيف تقول بقصر الأطراف كلها؟؟؟؟
وقاصرات الطرف المقصود به ليس فقط حداثة سن تلك الفتيات الصغار  ,بل و   يعني أيضاً ضعفهن وبرائتهن وقلة حيلتهن وهوانهن... ولذلك يسند سبحانه وتعالى المهمة برعايتهن في الجنة إلى المؤمنين  ...
ويقول سبحانه أيضاً (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ* كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ*)الصافات49 ويقول سبحانه أيضاً(وَحُورٌ عِينٌ* كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) الواقعة 23
الخطاب هنا هو لجمع المؤمنين الذين يؤون  ""الحور العين"" في مساكنهم في الجنة.. مع وجود اماكن خاصة لهن ضمنها ..وكلمة ""عين"" في القرآن الكريم لا تعني على الإطلاق اعين الرؤية او  منبع الانهار.. بل تعني" استقامة الكمال في الخلق ..أي بدون أي عيبٍ او شائبة كالحجر الكريم ومثله الياقوت واللؤلؤ المكنون  ...  وقد بين الله تعالى معنى ""عين"" بالتشبيه (كأنهن) بقوله""( كأنهن بيضٌ مكنون) وايضاً في قوله سبحانه (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) وقوله تعالى((وَحُورٌ عِينٌ* كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) )  والياقوت  من الاحجار الكريمة.. والحجر الكريم من صفاته الصفاء والألق واللمعان دون شوائب..وهذا يدل على كمال خلقهن .. ويبين لنا سبحانه عبر ذلك أيضاً أن تلك الفتيات نورهن فيهن منهن و يسعى بين أيديهن...
ومعنى قوله تعالى هنا(وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ* كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ) فتياتٌ "حديثات السن  كاملاتٌ في الخلق دون عيوبٍ ..نورهن يشع منهن من داخلهن وما ذلك إلا بيانٌ  من الله تعالى على طهارة قلوبهن ونقاء سريرتهن من الداخل ولمعانه  كلمعان  الأحجار الكريمة لكنه لمعانٌ ذاتيً دون نورٍ منعكسٍ عليها(بيضٌ مكنون)... (* كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) )واللؤلؤ  المكنون هو ما خفي عن العين كتشبيه, و يدل على كثرة الأنوار الصادرة من داخل تلك الفتيات كتلألؤ الضوء على الأحجار الكريمة...
وقوله تعالى (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ) ص 52..
وحتى نفصل ما المعني به من ""أتراب"" , ولمزيدٍ من التوضيح  حتى لا يقع البيان في الغموض نقاربها بالمقارنة,أي أتراب, مع كلمةٍ أخرى لجلاء  النقص في الشرح, والكلمة هي  سِر:
سِرٌ      أسرَّ        أسرار(للأشياء)                   سرائر(تفكير البشر)
ترابٌ   تَرِبَ       أتراب(وصف البشر)               ترائب( أرحام النساء)
وكلمة""أتراب"" هي من1.  التراب
2. الترائب....
و يدلنا قوله تعالى على أن الحور العين  أصلهن, كما هو أصل  جميع البشر, من تراب. و(أتراب) أيضاً تأتي من (ترائب).أما ترائب فهي كما مر معنا فهي الأرحام..وسميت ترائب  لأنه فيها يتم إنتاج النوع البشري  والذي مآله في النهاية إلى تراب...والأقرباء عبر (المتربة), هم الأقرباء عبر صلة الرحم , كما في قوله تعالى(أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ *يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴿١٥﴾ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴿١٦﴾ البلد.. واليتيم ذو المقربة هو القريب بالجنب والجوار..والمسكين ذو المتربة هو القريب في صلة الرحم..
وعليه فقد حوت كلمة (:أتراب)  الفتح في المعنى كالآتي":
  1. نسبة الحور العين إلى أصلهن وأصل  آبائهن الترابي ..وهذا كدليلٍ إضافي على أن الحور العين لسن من خلق الجنة ونعيمها...
  2. نسبتهن إلى أرحام أمهاتهن في الدنيا...وقد توفين وأصبحن تراباً...
  3. فتح المعنى  يدل على إعادة بعثهن يوم القيامة في سنٍ واحدة.. فالتي توفت وهي رضيعة لا يعاد بعثا وهي رضيعة,  بل في سنٍ مبكرٍ قبل البلوغ بكثير...و الخطاب الجامع بالوصف لهن كفئةٍ واحدة:   يبين أنهن  يخرجن من الأرض كالتوائم في سنٍ واحد وجسمٍ واحد.أي متساوياتٍ في كل شيء....

.والمقصود بقول الله تعالى  هو  : وكأنهن جميعاً, أي الحور العين,, قد ولدنكما تولد التوائم  من رحمٍ واحد  . وتتشابه بالصفاة والطول والملامح. والله تعالى عبر هذا التعبير الرائع يفصل لنا أن كل الفتيات اللاتي يبعثن ويدخلن الجنة يبعثن متساوياتٍ في الشكل والعمر والهيئة والطول وكانهن توائم مع اختلافٍ في الوجه والله اعلم.
...والمعني بهم  بقوله تعالى ""عندهم" هو المؤمنون رجالاً ونساءً...
ونأتي إلى قوله سبحانه(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) الطور 20
ويقول أيضاً(((يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ* كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ* يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ* لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)الدخان 56
والمخاطب  هنا (كلوا واشربوا) و(يلبسون من سندسٍ) واعيد وأكرر من مبنى الآيتين هم الرجال والنساء من اهل الجنة ..ومعنى قوله تعالى""زوجناهم"  كما سبق ومر معنا أي خصصناهم بمثنى من الفتيات..لكل رجلٍ  ولكل امراةٍ من أهل الجنة بنتين أو اكثر لرعايتهن.وهذا يشير إلى قلة أعداد اهل الجنة كما قلنا من قبل ويبين أن اكثر أعداد اهل الجنة هم  من الأطفال ...
.. وقد يسأل سائلٌ لماذا الفتيات فقط وهناك اطفالٌ ذكور قضوا أيضاً في الدنيا ولم يبلغوا  سن التكليف وهم الولدان المخلدون؟؟؟
والجواب هو ان الله تعالى  رؤوفٌ رحيم وأدرى بخلقه.. ودائماً ما  تكون الفتاة  هي الإضعف والأكثر حناناً ورقةٌ...  و ..لذلك فهو سبحانه اللطيف ألطف بهن أكثر ممن ولدهن, وهن ذوات العود اللين, والقلب الطاهر, والطرف القاصر..والجناح  الضعيف المنكسر, , وقد توفاهن في الدنيا ولم يحظين بحنانٍ وحبٍ ورعايةٍ..فيهيأ لهن في الجنة من يتكفلهن, وقد يهبهن سبحانه وتعالى إلى من حرمهم في الدنيا من نعمة الإنجاب فيبقوا هكذا لهم بناتً في سن البراءة  خالدين فيها أبداً.. أما الولدان فهم أقوى واكثر قدرةً على التحمل..وهم طوافون ما بين وبين..
وهنا نأتي إلى معنى قوله تعالى( حور)  ..وقد اقترنت ب""عين"" هن كصفةٍ لها... والحَوَر  من حارَ أي مال بدون اتجاهٍ محدد أو انثنى ..(والعِين) كما أسلفنا هو بهاءٌ  وكمال في الخلق بنورٍ ذاتيٍ في ما بدا من أجسامهن.. وبالذات الوجوه...ويصبح معنى""حور عين"" هنا هو انتشارالنور والضياء الذاتي الخارج منهن للرائي لهن بكافة الاتجاهات .(لؤلؤ مكنون)  والنور الصادر من تلك الفتيات كانكسار الضوء المسلط على حجرٍ كريم كالألماس .أي انهم "ذوات النور المتعدد الحائر للناظر إليه"".إلا أن الفتيات كما قلنا نورهن منهن وتعطي هذه الصورة تعبيراً في غاية الروعة والبهاء,(وَحُورٌ عِينٌ *كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) الواقعة 23.... والمكنون هو ما سطع من الداخل.23 .....وقد ورد نفس الوصف للولدان المخلدين بقوله تعالى(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ)الطور 24
وقد ورد العكس في حق المخلدين في جهنم(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٢٧)يونس 27
ويفصل الرحمن مزيداً من الآيات لنا للتدبر... يقول الحق   سبحانه وتعالى((فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ*فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ*فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)الرحمن 74.. والخيرات الحسان هي صفةٌ لمن لم يفعل الآثام في الحياة على الإطلاق بل الخير والحسن في صفته وفعله وطهارة مسلكه وبراءة مبسمه .. ومن المقصود بهن غير الحور العين اللاتي سيكن في مساكن المؤمنين ضمن  خيمٍ لهن يلعبن فيها ومقصورةً لهن فقط  دون غيرهن...
وها هي آية كريمةٌ اخرى في حقهن من سورة النبأ (إن للمتقين مفازا، حدائق وأعنابا، وكواعب أترابا)النبأ 33...طبعاً لا بد أنكم مررتم بالعينات التراثية في معنى ""كواعب اترابا"" والفوازير والحزازير التي دارت بشان ذلك, والمعاني التي خرجوا بها, والتي يهتز لفظاعتها الكون  كله...وتتداعى الجبال من هولها...ألهذا  الحد وصل الأمر بالناس؟ إتهام كلام الله تعالى بالإباحية؟؟ قتل الإنسان ما اكفره...
لن يتعب المرء كثيراً إذا تدبر معنى ""كواعب" ..  ورغم وضوح الكلمة في سياق الآية الكريمة ,إلا أن استقرائها في مواضع مختلفة من كتاب الله تعالى سيوصلنا إلى مدلولها الحقيقي.... ودلالة الكلمة ليست كما يقول المنحرفون ممن في قلوبهم مرضٌ انها "أثداء" الحور العين...
يقول الله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)المائدة 95... ويقول سبحانه(جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ...) المائدة 97..
الكلمة الوحيدة المطابقة في المعنى ل""كواعب"" هي الكعبة.والكعبين الذان وردا في الآية التي  فصلت الوضوء.... والكعبة كما هي معروفٌ هي بيت الله الحرام, وأول بيتٍ وضع للناس..جميع الناس... من يلبي دعوة  ابراهيم ومن بعده محمد ص إلى الإسلام... كعلامة  توحيدٍ وتوجهٍ بالإقتداء  ونقطةً فارقةً  من قصدها فقد خرج من الظلمات إلى النور....
ولها أربع جدرانٍ  كل واحدٍ منها يواجه اتجاهاً  من اتجاهات العالم الأربعة وله سقفٌ يواجه السماء ..ولذلك سميت كعبةً..ومن هذا المعنى نعود إلى قوله تعالى""كواعب اتراباً"".. وبما أننا عرفنا معنى قوله تعالى""اتراباً"" أي متساويات, ف""الكواعب هنا" تعني كتلة أجسامهن للناظرمن مختلف الإتجاهات والزوايا.. والمعنى أن الناظر لهن لن يميز واحدةً منهن عن الاخرى في شكل الجسم والطول والعرض.. وكانهن خرجن من قالبٍ (رحمٍ) واحد...  وقوله سبحانه هنا  لم يخرج عما سبق سوى بتفصيل الآيات لقومٍ يعقلون.. .... واخيراً (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء*فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا*عُرُبًا أَتْرَابًا*لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ*ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ*وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ*)
و""انشأناهن إنشاء) وقد جرى توضيحه من قبل.. هو ان الفتاة الموؤدة مثلاً قتلت وهي رضيعة وغيرها مات من مرضٍ  في سن السابعة مثلاً..او من مجاعةٍ في سن كذا...لذلك يتم إنشائهن  بتوحيدهن على  نفس  السن وقطعة الجسد والهيئة والنور الذي فيهن...وهذا يعيدنا لقوله تعالى(اترابا), اما قوله تعالى(أبكارا) فخلافاً للعرف السائد في المجتمعات المنحلة جنسياً كمجتمعاتنا التي  تحض على  نكاح الفتاة العذراء فقط..  واما التي نكحت وطلقت من قبل فهي عورةٌ وعارٌ...
فالفتاة البكر هي وكما سبق وظهر معنا هي الفتاة التي لم تصل إلى سن النكاح والبلوغ
وقوله سبحانه  هنا يؤكد مرةً اخرى على  قوله (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ). والمعنى وكما سبق انها فتاةٌ صغيرةٌ في السن وليس الفتاة العذراء البالغة للنكاح..  وكلمة" ابكاراً"" هي الصفة الجسدية لفتاةٍ في مرحلة الطفولة وقد وصلت لسن الكلام والفهم.. وما زال بكراً عليها الوصول إلى البلوغ.. و الصفة التي بعدها    ""عربا"" تتصل بماقبلها( أبكاراً")  .. وعليه  كلمة""عرباً "" هي الصفة التوصيفية لتك المرحلة العمرية... .والفتاة العروب هي الفتاة  التي تكون في سن سبع سنوات أو اكثر قليلاً و ادنى من ذلك.. وقد أصبحت قادرةً ان تعرب عن نفسها...والعرب هم القوم الذي يمتازون بقدرتهم وفصاحتهم على الإعراب عبر الشعر.والأعراب هم معوجو اللسان المتغربين(غساسنة) والمستشرقين منهم (مناذرة)والمستعربين..
وتؤكد""اتراباً"" على نفس المعاني السابقة بتساويهن في المرحلة العمرية البكرية وفي القدرة على النطق وبنفس المستوى الفكري والذهني...
هذه هي الآيات التي تشير إلى  الولدان  أو الغلمان المخلدين.. وهم خالدون  على  هيئتهم تلك,  وقد ألحقهم الله تعالى بالمؤمنين وبدرجةٍ اقل من الحور العين.. حيث انهم هنا طوافون بالشراب على  اهلهم,اهل الجنة, (َالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ*وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ*يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ*وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ)الطور 24..ويقول تعالى أيضاً  في ذلك(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ*بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ*لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ*وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ*وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ*وَحُورٌ عِينٌ*كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)الواقعة 23.. والولدان والغلمان=صبيةٌ دون سن البلوغ.. كما تعني هم من مواليد الدنيا وقد قضوا وماتوا بعد الولادة او قبل  سن البلوغ وهم أيضاً في كفالة الله تعالى ويدخلون الجنة مع نظرائهم من الحور العين دون حساب...ويبعثهم الله تعالى وينشأهم على ما بعث وانشأ الحور العين في نفس السن والهيئة وكتلة الجسم والقدرة التعبيرية والنور المتلألأ.. ويطوفون على أهل الجنة الذين خصصهم الله تعالى لهم كأهل ومعهم أكوابٌ وأباريقٌ من شراب لا يصدعون عنه أي لا يدمنون عليه.. ولا ينزفون ..أي لا ينفرون منه... لقوله تعالى(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أي تمسك بما انزل الله عليك.. وتشبث به.. وصدع نقيض نزف...
وهذه هي الآيات التي تتحدث عن ""الولدان"" و""الغلمان"" الذكور وتبين  بأنهم ولدوا في الدنيا((الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) المجادلة 2
(وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) البلد 3
(قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) آل عمران 47
(وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) مريم 15
(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ....)
(قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)مريم 8
أما الآيات التالية فتتحدث عن الحور العين واهلهن في الجنة من الرجال والنساء, وقد أشير لهن,,أي الحور العين,,  ب"ازواج" اي ثنائيات من الفتيات كما ورد معا في قوله تعالى(كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) :
((وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقرة25
(وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً)النساء57

(هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ) يس 56..
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ)الزخرف 70... ومعنى مطهرة أي أنهم  لا يخرجون نجاسةً أبداً وقد ختم على فروجهن طاهراتٍ  إلى أبد الآبدين...
الخلاصة: لا يوجد جنسٌ على الإطلاق في الجنة..ومن يعتقد بذلك فليئد نفسه  ولُيرح العتمة من ظلام فكره...... وصدق الله الحكيم العليم عندما يقول((وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)لقمان 27 .. والحمد لله رب العالمين
 من مقالة في موقع القرآن للجميع


الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

وحور عين ( 22 ) كأمثال اللؤلؤ المكنون ( 23 ) جزاء بما كانوا يعملون ( 24 ) لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ( 25 ) إلا قيلا سلاما سلاما


القول في تأويل قوله تعالى : ( وحور عين ( 22 ) كأمثال اللؤلؤ المكنون ( 23 ) جزاء بما كانوا يعملون ( 24 ) لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ( 25 ) إلا قيلا سلاما سلاما ( 26 )

 
اختلف القراء في قراءة قوله : ( وحور عين ) فقرأته عامة قراء الكوفة وبعض المدنيين " وحور عين " بالخفض إتباعا لإعرابها إعراب ما قبلها من الفاكهة واللحم ، وإن كان ذلك مما لا يطاف به ، ولكن لما كان معروفا معناه المراد أتبع الآخر الأول في الإعراب ، كما قال بعض الشعراء .
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا 
فالعيون تكحل ، ولا تزجج إلا الحواجب ، فردها في الإعراب على الحواجب ؛ لمعرفة السامع معنى ذلك وكما قال الآخر :
تسمع للأحشاء منه لغطا ولليدين جسأة وبددا
والجسأة : غلظ في اليد ، وهي لا تسمع .
وقرأ ذلك بعض قراء المدينة ومكة والكوفة وبعض أهل البصرة بالرفع ( وحور عين ) على الابتداء . وقالوا : الحور العين لا يطاف بهن ، فيجوز العطف بهن في الإعراب على إعراب فاكهة ولحم . ولكنه مرفوع بمعنى : وعندهم حور عين ، أو لهم حور عين .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء مع تقارب معنييهما ، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب . والحور جماعة حوراء : وهي النقية بياض العين ، الشديدة سوادها . والعين : جمع عيناء ، وهي النجلاء العين في حسن .
وقوله : ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) يقول : هن في صفاء بياضهن وحسنهن ، كاللؤلؤ المكنون الذي قد صين في كن .
وقوله : ( جزاء بما كانوا يعملون ) يقول - تعالى ذكره - : ثوابا لهم من الله بأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا ، وعوضا من طاعتهم إياه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : ثنا ابن يمان ، عن ابن عيينة ، عن عمرو عن الحسن ( وحور عين ) قال : شديدة السواد : سواد العين ، شديدة البياض : بياض العين .
قال ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الضحاك ( وحور عين ) قال : بيض عين قال : عظام الأعين .
حدثنا ابن عباس الدوري قال : ثنا حجاج قال : قال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس قال : الحور : سود الحدق .
حدثنا الحسن بن عرفة قال : ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي ، عن عباد بن منصور الباجي أنه سمع الحسن البصري يقول : الحور : صوالح نساء بني آدم .
قال ثنا إبراهيم بن محمد ، عن ليث بن أبي سليم قال : بلغني أن الحور العين خلقن من الزعفران .
حدثنا الحسن بن يزيد الطحان قال : حدثتنا عائشة امرأة ليث ، عن ليث ، عن مجاهد قال : خلق الحور العين من الزعفران 
حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : ثنا عمرو بن سعد قال : سمعت ليثا ، ثني عن مجاهد قال : الحور العين خلقن من الزعفران .
وقال آخرون : بل معنى قوله : ( حور ) أنهن يحار فيهن الطرف .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد ( وحور عين ) قال : يحار فيهن الطرف .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( كأمثال اللؤلؤ ) قال أهل التأويل ، وجاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال : ثنا أحمد بن الفرج الصدفي الدمياطي ، عن عمرو بن هاشم ، عن ابن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) قال : " صفاؤهن كصفاء الدر الذي في الأصداف الذي لا تمسه الأيدي 
وقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ) يقول : لا يسمعون فيها باطلا من القول ولا تأثيما ، يقول : ليس فيها ما يؤثمهم .
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ) والتأثيم لا يسمع ، وإنما يسمع اللغو . كما قيل : أكلت خبزا ولبنا ، واللبن لا يؤكل ، فجازت إذ كان معه شيء يؤكل .
وقوله : ( إلا قيلا سلاما سلاما ) يقول : لا يسمعون فيها من القول إلا قيلا سلاما : أي اسلم مما تكره .
وفي نصب قوله : ( سلاما سلاما ) وجهان : إن شئت جعلته تابعا للقيل ، ويكون السلام حينئذ هو القيل فكأنه قيل : لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا سلاما سلاما ، ولكنهم يسمعون سلاما سلاما . والثاني : أن يكون نصبه [ ص: 109 ] بوقوع القيل عليه ، فيكون معناه حينئذ : إلا قيل سلام فإن نون نصب قوله : ( سلاما سلاما ) بوقوع قيل عليه .
 

*الْحُورِ الْعِينِ وَصِفَتِهِنَّ؛أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

باب نزول الْحورِ الْعِينِ وَصِفَتِهِنَّ

يُحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ شَدِيدَةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ‏( وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عين‏}‏ ‏[‏الدخان‏:‏ 54‏]‏ أَنْكَحْنَاهُمْ‏.‏

- فيه‏:‏ أَنَس، قَالَ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلا الشَّهِيدَ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى‏)‏‏.‏

- وَقَالَ أَنَس، عَنِ النَّبِىِّ، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ- أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ يَعْنِى سَوْطَهُ- مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأرْضِ لأضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا‏)‏‏.‏
نيا لأضاءت كلها، ليستزيد من كرامة الله وتنعيمه وفضله‏.‏
مثل طبيخ وقدير بمعنى مطبوخ ومقدور‏.‏

وقيد الرمح‏:‏ قدره وقيسه، والنصيف‏:‏ الخمار من كتاب العين‏.‏ 
 -----------

كيف يحاسب الكافر يوم القيامة وهو غير مطالب بالتكاليف الشرعية‏؟‏
‏(‏ 164‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ - أعلى الله درجته-‏:‏ كيف يحاسب الكافر يوم القيامة وهو غير مطالب بالتكاليف الشرعية‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ هذا السؤال مبني على فهم ليس بصحيح فإن الكافر مطالب بما يطالب به المؤمن لكنه غير ملزم به في الدنيا ويدل على أنه مطالب قوله -تعالى‏:‏ ‏{‏إلا أصحاب اليمين‏.‏ في جنات يتساءلون ‏.‏عن المجرمين ‏.‏ ما سلككم في سقر ‏.‏ قالوا لم نك من المصلين ‏.‏ ولم نك نطعم المسكين ‏.‏ وكنا نخوض مع الخائضين ‏.‏ وكنا نكذب بيوم الدين‏}‏ فلولا أنهم عوقبوا بترك الصلاة ، وترك إطعام المساكين ما ذكروه ، لأن ذكره في هذه الحال لا فائدة منه وذلك دليل على أنهم يعاقبون على فروع الإسلام ، وكما أن هذا هو مقتضى الأثر فهو أيضاً مقتضى النظر فإذا كان الله تعالى يعاقب عبده المؤمن على ما أخل به من واجب في دينه فكيف لا يعاقب الكافر‏؟‏ بل إني أزيدك أن الكافر يعاقب على كل ما أنعم الله به عليه من طعام وشراب وغيره قال تعالى ‏:‏ ‏{‏ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيها طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين‏}‏ فمنطوق الآية رفع الجناح عن المؤمنين فيما طعموه ومفهومها وقوع الجناح على الكافرين فيما طعموه، وكذلك قوله-تعالى- ‏:‏ ‏{‏قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة‏}‏ فإن قوله ‏:‏ ‏{‏قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا‏}‏ دليل على أن غير المؤمن ليس له حق في أن يستمتع بها في الدنيا‏.‏ أقول ‏:‏ ليس له حق شرعي ، أما الحق بالنظر إلى الأمر الكوني وهو أن الله - سبحانه وتعالى- خلقها وانتفع بها هذا الكافر فهذا أمر لا يمكن إنكاره، فهذا دليل على أن الكافر يحاسب حتى على ما أكل من المباحات وما لبس ، وكما أن هذا مقتضى الأثر فإنه مقتضى النظر، إذ كيف يحق لهذا الكافر العاصي لله الذي لا يؤمن به كيف يحق له عقلاً أن يستمتع بما خلقه الله عز وجل وما أنعم الله به على عباده ، وإذ تبين لك هذا فإن الكافر يحاسب يوم القيامة على عمله ، ولكن حساب الكافر يوم القيامة ليس كحساب المؤمن لأن المؤمن يحاسب حساباً يسيراً يخلو به الرب عز وجل ويقرره بذنوبه حتى يعترف ثم يقول‏:‏له سبحانه وتعالى-‏:‏ ‏(‏قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم‏)‏ أما الكافر والعياذ بالله فإن حسابه أن يقرر بذنوبه ويخزى بها على رؤوس الأشهاد‏:‏ ‏{‏ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين‏}‏ ‏.‏
هل يوم الحساب يوم واحد‏؟‏
‏(‏ 165‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل يوم الحساب يوم واحد‏؟‏
فأجاب قائلاً‏:‏يوم الحساب يوم واحد ولكنه يوم مقداره خمسون ألف سنة كما قال الله -تعالى-‏:‏ ‏{‏سأل سائل بعذاب واقع ‏.‏ للكافرين ليس له دافع ‏.‏ من الله ذي المعارج ‏.‏ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة‏}‏ أي إن هذا العذاب يقع للكافرين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال‏:‏ ‏(‏ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه، وجبينه ، وظهره ، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد‏)‏ وهذا اليوم الطويل هو يوم عسير على الكافرين كما قال- تعالى -‏:‏ ‏{‏وكان يوماً على الكافرين عسيراً‏}‏ وقال -تعالى-‏:‏ ‏{‏فذلك يومئذ يوم عسير‏.‏ على الكافرين غير يسير‏}‏ ومفهوم هاتين الآيتين أنه على المؤمن يسير وهو كذلك ، فهذا اليوم الطويل بما فيه من الأهوال والأشياء العظيمة ييسره الله -تعالى - على المؤمن ، ويكون عسيراً على الكافر‏.‏ وأسأل الله - تعالى - أن يجعلني وإخواني المسلمين ممن يسره الله عليهم يوم القيامة‏.‏
والتفكير والتعمق في مثل هذه الأمور الغيبية هو من التنطع الذي قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيه ‏:‏ ‏(‏هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون‏)‏ ‏.‏ ووظيفة الإنسان في هذه الأمور الغيبية التسليم وأخذ الأمور على ظاهر معناها دون أن يتعمق أو يحاول القياس بينها وبين الأمور في الدنيا ، فإن أمور الآخرة ليست كأمور الدنيا ، وإن كانت تشبهها في أصل المعنى وتشاركها في ذلك ، لكن بينهما فرق عظيم ، وأضرب لك مثلاً بما ذكره الله - سبحانه وتعالى - في الجنة من النخل ، والرمان ، والفاكهة ، ولحم الطير ، والعسل والماء واللبن ، والخمر وما أشبه ذلك مع قوله - عز وجل -‏:‏ ‏{‏فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون‏}‏ ‏.‏ وقوله في الحديث القدسي ‏:‏ ‏(‏أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر‏)‏ فهذه الأسماء التي لها مسميات بها في هذه الدنيا لا تعني أن المسمى كالمسمى وإن اشتركا في الاسم وفي أصل المعنى ، فكل الأمور الغيبية التي تشارك ما يشاهد في الدنيا في أصل المعنى لا تكون مماثلة له في الحقيقة ، فينبغي للإنسان أن ينتبه لهذه القاعدة وأن يأخذ أمور الغيب بالتسليم على ما يقتضيه ظاهرها من المعنى وألا يحاول شيئاً وراء ذلك‏.‏
ولهذا لما سئل الإمام مالك - رحمه الله -عن قول الله تعالى - ‏:‏ ‏{‏الرحمن على العرش استوى‏}‏ كيف استوى ‏؟‏ أطرق -رحمه الله-برأسه حتى علاه الرحضاء - أي العرق -وصار يتصبب عرقاً وذلك لعظم السؤال في نفسه ثم رفع رأسه وقال قولته الشهيرة التي كانت ميزاناً لجميع ما وصف الله به نفسه - رحمه الله -‏:‏ ‏"‏الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة‏"‏ أ هـ ‏.‏
فالسؤال المتعمق في مثل هذه الأمور بدعة لأن الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أشد منا حرصاً على العلم وعلى الخير لم يسألوا النبي ، صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسئلة وكفى بهم قدوة، وما قلته الآن بالنسبة لليوم الآخر يجرى بالنسبة لصفات الله -عز وجل - التي وصف بها نفسه من العلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والكلام وغير ذلك فإن مسميات هذه الألفاظ بالنسبة إلى الله - عز وجل - لا يماثلها شيء مما يشاركها في هذا الاسم بالنسبة للإنسان ، فكل صفة فإنها تابعة لموصوفها فكما أن الله - سبحانه وتعالى - لا مثيل له في ذاته فلا مثيل له في صفاته‏.‏
وخلاصة الجواب‏:‏ أن اليوم الآخر يوم واحد وأنه عسير على الكافرين ويسير على المؤمنين، وأن ما ورد فيه من أنواع الثواب والعقاب أمر لا يدرك كنهه في هذه الحياة الدنيا وإن كان أصل المعنى فيه معلوماً لنا في هذه الحياة الدنيا‏.‏
كيف نجمع بين قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه بشماله‏}‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه وراء ظهره‏}‏ ‏؟‏
‏(‏166‏)‏ سئل الشيخ ‏:‏ كيف نجمع بين قول الله - تعالى-‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه بشماله‏}‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏وأما من أوتي كتابه وراء ظهره‏}‏ فأجاب قائلاً‏:‏ الجمع بينهما أن يقال‏:‏ يأخذه بشماله لكن تخلع الشمال إلى الخلف من وراء ظهره ، والجزاء من جنس العمل فكما أن هذا الرجل جعل كتاب الله وراء ظهره ، أعطي كتابه يوم القيامة من وراء ظهره جزاءً وفاقاً‏.‏
كيف نجمع بين القول القاضي بأن الذي يوزن يوم القيامة هو العمل وقول النبي صلى الله عليه وسلم، عندما انكشفت ساق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏والله إنها لأثقل في الميزان من جبل أحد‏)‏‏؟‏
‏(‏167‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ -جزاه الله خيراً - ‏:‏ كيف نجمع بين القول القاضي بأن الذي يوزن يوم القيامة هو العمل وقول النبي صلى الله عليه وسلم، عندما انكشفت ساق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏والله إنها لأثقل في الميزان من جبل أحد‏)‏‏؟‏
فأجاب قائلاً ‏:‏ الجواب على هذا أن يقال ‏:‏ إما أن يكون هذا خاصاً بعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- ، أو يقال ‏:‏إن بعض الناس يوزن عمله وبعض الناس يوزن بدنه ، أو يقال‏:‏ إن الإنسان إذا وزن فإنما يثقل ويرجح بحسب عمله والله أعلم‏.‏
هل الميزان واحد أو متعدد‏؟‏
‏(‏ 168‏)‏ سئل الشيخ‏:‏ هل الميزان واحد أو متعدد‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏ اختلف العلماء في الميزان هل هو واحد أو متعدد على قولين، وذلك لأن النصوص جاءت بالنسبة للميزان مرة بالإفراد، ومرة بالجمع مثال الجمع قوله -تعالى‏:‏ ‏{‏ونضع الموازين القسط‏}‏ وكذلك في قوله ‏:‏ ‏{‏فمن ثقلت موازينه‏}‏ ومثال الإفراد قوله ، صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان‏) ‏.‏
فقال بعض العلماء ‏:‏ إن الميزان واحد وإنه جمع باعتبار الموزون ، أو باعتبار الأمم ، فهذا الميزان توزن به أعمال أمة محمد ، وأعمال أمة موسى ، وأعمال أمة عيسى ، وهكذا فجمع الميزان باعتبار تعدد الأمم‏.‏ والذين قالوا‏:‏إنه متعدد بذاته قالوا‏:‏ لأن هذا هو الأصل في التعدد ، ومن الجائز أن الله -تعالى- يجعل لكل أمة ميزاناً، أو يجعل للفرائض ميزاناً، وللنوافل ميزاناً‏.‏
والذي يظهر والله أعلم أن الميزان واحد ، لكنه متعدد باعتبار الموزون‏.‏
كيف توزن الأعمال وهي أوصاف للعاملين‏؟‏
‏(‏ 169‏)‏ سئل فضيلة الشيخ ‏:‏ كيف توزن الأعمال وهي أوصاف للعاملين‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏القاعدة في ذلك كما أسلفنا أن علينا أن نسلم ونقبل ولا حاجة لأن نقول‏:‏كيف‏؟‏ ولم‏؟‏ ومع ذلك فإن العلماء رحمهم الله قالوا في جواب هذا السؤال ‏:‏ إن الأعمال تقلب أعياناً فيكون لها جسم يوضع في الكفة فيرجح أو يخف ، وضربوا لذلك مثلاً بما صح به الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ‏:‏(‏أن الموت يجعل يوم القيامة على صورة كبش فينادى أهل الجنة ، يا أهل الجنة فيطلعون ويشرئبون ‏.‏ وينادى يا أهل النار فيطلعون ويشرئبون ما الذي حدث ‏؟‏ فيؤتي بالموت على صورة كبش فيقال ‏:‏ هل تعرفون هذا فيقولون‏:‏ نعم هذا الموت فيذبح الموت بين الجنة والنار فيقال‏:‏ يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت‏)‏ ‏.‏ ونحن نعلم جميعاً أن الموت صفة ولكن الله -تعالى -يجعله عيناً قائماً بنفسه وهكذا الأعمال تجعل أعياناً فتوزن والله أعلم‏.‏
ما هي الشفاعة ‏؟‏ وما أقسامها‏؟‏
‏(‏ 170‏)‏ سئل فضيلة الشيخ ‏:‏ عن الشفاعة ‏؟‏ وأقسامها‏؟‏
فأجاب‏:‏ الشفاعة‏:‏ مأخوذة من الشفع ، وهو ضد الوتر، وهو جعل الوتر شفعاً مثل أن تجعل الواحد اثنين ، والثلاثة أربعة ، وهكذا هذا من حيث اللغة‏.‏
أما في الاصطلاح ‏:‏ فهي ‏"‏التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة‏"‏ يعني أن يكون الشافع بين المشفوع إليه، والمشفوع له واسطة لجلب منفعة إلى المشفوع له ، أو يدفع عنه مضرة‏.‏
والشفاعة نوعان‏:‏
النوع الأول‏:‏ شفاعة ثابتة صحيحة ، وهي التي أثبتها الله - تعالى - في كتابه ، أو أثبتها رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص ؛ لأن أبا هريرة -رضي الله عنه - قال‏:‏ يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك‏؟‏ قال ‏:‏ ‏(‏من قال ‏:‏ لا إله إلا الله خالصاً من قلبه‏)‏ ‏.‏
وهذه الشفاعة لها شروط ثلاثة‏:‏
الشرط الأول‏:‏ رضا الله عن الشافع‏.‏
الشرط الثاني‏:‏ رضا الله عن المشفوع له‏.‏
الشرط الثالث‏:‏ إذن الله-تعالى للشافع أن يشفع‏.‏
وهذه الشروط مجملة في قوله تعالى-‏:‏ ‏{‏وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى‏}‏ ومفصلة في قوله‏:‏ ‏{‏من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً‏}‏ ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ولا يشفعون إلا لمن ارتضى‏}‏‏.‏ فلا بد من هذه الشروط الثلاثة حتى تتحقق الشفاعة‏.‏
ثم إن الشفاعة الثابتة ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى - أنها تنقسم إلى قسمين‏:‏
القسم الأول‏:‏ الشفاعة العامة ، ومعنى العموم أن الله -سبحانه وتعالى - يأذن لمن شاء من عباده الصالحين أن يشفعوا لمن أذن الله لهم بالشفاعة فيهم ، وهذه الشفاعة ثابتة للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولغيره من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وهي أن يشفع في أهل النار من عصاة المؤمنين أن يخرجوا من النار‏.‏
القسم الثاني‏:‏ الشفاعة الخاصة ‏:‏ التي تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأعظمها الشفاعة العظمى التي تكون يوم القيامة، حين يلحق الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيطلبون من يشفع لهم إلى الله - عز وجل - أن يريحهم من هذا الموقف العظيم فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى وكلهم لا يشفع حتى تنتهي إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيقوم ويشفع عند الله -عز وجل- أن يخلص عباده من هذا الموقف العظيم ، فيجيب الله - تعالى - دعاءه ، ويقبل شفاعته ، وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله - تعالى - به في قوله ‏:‏‏{‏ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً‏}
ومن الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة ، فإن أهل الجنة إذا عبروا الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فتمحص قلوب بعضهم من بعض حتى يهذبوا وينقوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة فتفتح أبواب الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
النوع الثاني‏:‏ الشفاعة الباطلة التي لا تنفع أصحابها ، وهي ما يدعيه المشركون من شفاعة آلهتهم لهم عند الله - عز وجل - فإن هذه الشفاعة لا تنفعهم كما قال الله - تعالى ‏:‏ ‏{‏فما تنفعهم شفاعة الشافعين‏}‏ وذلك لأن الله تعالى لا يرضى لهؤلاء المشركين شركهم، ولا يمكن أن يأذن بالشفاعة لهم ؛ لأنه لا شفاعة إلا لمن ارتضاه الله - عز وجل - والله لا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد ، فتعلق المشركين بآلهتهم يعبدونها ويقولون ‏:‏ ‏{‏هؤلاء شفعاؤنا عند الله‏}‏ تعلق باطل غير نافع، بل هذا لا يزيدهم من الله - تعالى- إلا بعداً على أن المشركين يرجون شفاعة أصنامهم بوسيلة باطلة وهي عبادة هذه الأصنام ، وهذا من سفههم أن يحاولوا التقرب إلى الله - تعالى -بما لا يزيدهم منه إلا بعداً‏.‏
ما معنى ما ورد في الحديث أن الله عز وجل قبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط‏؟‏
‏(‏171‏)‏ وسئل -حفظه الله عن ‏:‏ قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ‏:‏ (‏يقول الله - تعالى-‏:‏ شفعت الملائكة وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط‏)‏ ‏.‏ رواه مسلم ، ما معنى قوله ‏:‏ ‏(‏لم يعملوا خيراً قط‏)‏ ‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله ‏:‏ معنى قوله ‏:‏ ‏(‏لم يعملوا خيراً قط‏)‏ أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة ، لكن الإيمان قد وقر في قلوبهم ، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط ‏.‏
وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر كالصلاة مثلاً فإن من لم يصل فهو كافر ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله ، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة وهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين والعياذ بالله فالمهم أن هذا الحديث إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل فماتوا فور إيمانهم فما عملوا خيراً قط‏.‏
وإما أن يكون هذا عاماً ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لا بد أن يعمل كالصلاة فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار‏.‏
ما هو مصير أهل الفترة‏؟‏
‏(‏ 172‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن مصير أهل الفترة‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏ الصحيح أن أهل الفترة قسمان ‏:‏
القسم الأول ‏:‏ من قامت عليه الحجة وعرف الحق ، لكنه اتبع ما وجد عليه آباءه ، وهذا لا عذر له فيكون من أهل النار‏.‏
القسم الثاني‏:‏ من لم تقم عليه الحجة فإن أمره لله - عز وجل - ‏.‏ ولا نعلم عن مصيره وهذا ما لم ينص الشرع عليه ‏.‏ أما من ثبت أنه في النار بمقتضى دليل صحيح فهو في النار‏.‏
ما مصير أطفال المؤمنين ، وأطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ‏؟‏
‏(‏ 173‏)‏ وسئل ‏:‏ عن مصير أطفال المؤمنين ، وأطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ‏؟‏
فأجاب فضيلته قائلاً‏:‏مصير أطفال المؤمنين الجنة،لأنهم تبع لآبائهم قال - تعالى- ‏:‏ ‏{‏والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين‏}
وأما أطفال غير المؤمنين يعني الطفل الذي نشأ من أبوين غير مسلمين فأصح الأقوال فيهم أن نقول الله أعلم بما كانوا عاملين فهم في أحكام الدنيا بمنزلة آبائهم ،أما في أحكام الآخرة فإن الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم بمصيرهم هذا ما نقوله ، وهو في الحقيقة أمر لا يعنينا كثيراً إنما الذي يعنينا هو حكمهم في الدنيا وأحكامهم في الدنيا - أعني أولاد المشركين - أحكامهم في الدنيا أنهم كالمشركين لا يغسلون، ولا يكفنون ، ولا يصلى عليهم ، ولا يدفنون في مقابر المسلمين ‏.‏ والله أعلم‏.‏
إذا كانت الجنة عرضها كعرض السموات والأرض فأين تكون النار‏؟‏
‏(‏ 174‏)‏ وسئل فضيلته ‏:‏ إذا كانت الجنة عرضها كعرض السموات والأرض فأين تكون النار في هذا الكون الذي ليس فيه إلا السموات والأرض‏؟‏
فقال حفظه الله تعالى ‏:‏ قبل الجواب على هذا يجب أن نقدم مقدمة وهي أن ما جاء في كتاب الله وما صح عن رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فإنه حق ولا يمكن أن يخالف الأمر الواقع ، فإن الأمر الواقع المحسوس لا يمكن إنكاره ، ومادل عليه الكتاب والسنة فإنه حق لا يمكن إنكاره ، ولا يمكن تعارض حقين على وجه لا يمكن الجمع بينهما ، وقد ثبت في القرآن أن الجنة عرضها كعرض السماء والأرض قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض‏}‏‏.‏ وفي الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏عرضها السموات والأرض‏}‏‏.‏ وهذا حق بلا ريب ، وفي مسند الإمام أحمد أن هرقل كتب للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال‏:‏ إذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض فأين تكون النار‏؟‏ فقال ‏:‏ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إذا جاء الليل فأين يكون النهار‏)‏ فإن صح هذا الحديث فوجهه أن السموات والأرض في مكانهما والجنة في مكانها في أعلى عليين كما أن النهار في مكان والليل في مكان ، وإن لم يصح الحديث فإن في كون الجنة عرضها السموات والأرض لا يعني أنها قد ملأتهما ولكن يعني أن الجنة عظيمة السعة عرضها كعرض السموات والأرض‏.‏
ثم إن قول السائل ‏:‏ ‏"‏إن هذا الكون ليس فيه إلا السموات والأرض‏"‏ ليس بصحيح فهذا الكون فيه السموات والأرض ، وفيه الكرسي والعرش وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول بعد رفعه من ركوعه ‏:‏ ‏(‏ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد‏)‏ فهناك عالم غير السموات والأرض لا يعلمه إلا الله، كذلك نحن نعلم منه ما علمنا الله-تعالى - مثل العرش والكرسي ، والعرش هو أعلى المخلوقات والله - سبحانه وتعالى - قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته‏.‏
فهناك عالم غير السموات والأرض لا يعلمه إلا الله، كذلك نحن نعلم منه ما علمنا الله تعالى - مثل العرش والكرسي ، والعرش هو أعلى المخلوقات والله - سبحانه وتعالى - قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته‏.‏
ما الجنة التي أسكنها الله - عز وجل - آدم وزوجه‏؟‏
‏(‏ 175‏)‏ وسئل‏:‏ ما الجنة التي أسكنها الله - عز وجل - آدم وزوجه‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ الصواب أن الجنة التي أسكنها الله- تعالى - آدم وزوجه هي الجنة التي وعد المتقون لأن الله - تعالى - يقول لآدم ‏:‏ ‏{‏اسكن أنت وزوجك الجنة‏}‏ والجنة عند الإطلاق هي جنة الخلد التي في السماء ، ولهذا ثبت في الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن آدم وموسى تحاجا فقال له موسى ‏:‏ ‏(‏لم أخرجتنا ونفسك من الجنة‏؟‏‏)‏ ‏.‏ والله أعلم‏.‏
ذكر للرجال الحور العين في الجنة فما للنساء‏؟‏
‏(‏ 176‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ ‏:‏ ذكر للرجال الحور العين في الجنة فما للنساء‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ يقول الله - تبارك وتعالى - في نعيم أهل الجنة ‏:‏ ‏{‏ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ‏.‏ نزلاً من غفور رحيم‏}‏ ويقول - تعالى - ‏:‏ ‏{‏وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون‏}
ومن المعلوم أن الزواج من أبلغ ما تشتهيه النفوس فهو حاصل في الجنة لأهل الجنة ذكوراً كانوا أم إناثاً ، فالمرأة يزوجها الله - تبارك وتعالى - في الجنة بزوجها الذي كان زوجاً لها في الدنيا كما قال الله - تبارك وتعالى - ‏:‏ ‏{‏ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم‏}‏ ‏.‏
إذا كانت المرأة من أهل الجنة ولم تتزوج في الدنيا أو تزوجت ولم يدخل زوجها الجنة فمن يكون لها‏؟‏
‏(‏177‏)‏وسئل - رعاه الله بمنه وكرمه -‏:‏ إذا كانت المرأة من أهل الجنة ولم تتزوج في الدنيا أو تزوجت ولم يدخل زوجها الجنة فمن يكون لها‏؟‏
فأجاب قائلاً ‏:‏ الجواب يؤخذ من عموم قوله - تعالى ‏:‏ ‏{‏ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ‏.‏ نزلاً من غفور رحيم‏}‏ ومن قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الاعين وأنتم فيها خالدون‏}‏ فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج أو كان زوجها ليس من أهل الجنة فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال وهم ـ أعني من لم يتزوجوا من الرجال - لهم زوجات من الحور ولهم زوجات من أهل الدنيا إذا شاؤوا واشتهت ذلك أنفسهم ، وكذلك نقول بالنسبة للمرأة إذا لم تكن ذات زوج ، أو كانت ذات زوج في الدنيا ولكنه لم يدخل معها الجنة ‏:‏ إنها إذا اشتهت أن تتزوج فلا بد أن يكون لها ما تشتهيه لعموم هذه الآيات‏.‏
ولا يحضرني الآن نص خاص في هذه المسألة والعلم عند الله -تعالى-‏.‏
إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما‏؟‏ ولماذا ذكر الله الزوجات للرجال ولم يذكر الأزواج للنساء‏؟‏
‏(‏ 178‏)‏ وسئل فضيلته‏:‏ إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما‏؟‏ ولماذا ذكر الله الزوجات للرجال ولم يذكر الأزواج للنساء‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فإنها تخير بينهما يوم القيامة في الجنة، وإذا لم تتزوج في الدنيا فإن الله - تعالى - يزوجها ما تقر به عينها في الجنة ، فالنعيم في الجنة ليس مقصوراً على الذكور وإنما هو للذكور والإناث ومن جملة النعيم الزواج‏.‏
وقول السائل ‏:‏ ‏"‏إن الله تعالى ذكر الحور العين وهن زوجات ولم يذكر للنساء أزواجاً‏"‏ ‏.‏
فنقول‏:‏ إنما ذكر الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج بل لهن أزواج من بني آدم‏.‏
‏(‏ 179‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ كيف رأى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار ليلة الإسراء والمعراج مع أن الساعة لم تقم بعد‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أخبرنا بذلك وأنه رأى الجنة والنار ، ورأى أقواماً يعذبون وأقواماً ينعمون ، والله أعلم بكيفية ذلك لأن أمور الغيب لا يدركها الحس فمثل هذه الأمور إذا جاءت يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت وأن لا نتعرض لطلب الكيفية ‏.‏
ولم ‏؟‏ لأن عقولنا أقصر وأدنى من أن تدرك هذا الأمر فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور لا يمكن إدراكها بالعقل ، أخبر ، صلى الله عليه وسلم ، بأن الله عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة ومعلوم الآن أن ثلث الليل يدور على الكرة الأرضية فإذا انتقل من جهة حل في جهة أخرى فقد تقول ‏:‏ كيف ذلك ‏؟‏ فنقول عليك أن تؤمن بما أخبرك به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا تقل ‏:‏ كيف ‏؟‏ لأن عقلك أدنى وأقصر من أن يحيط بمثل هذه الأمور الغيبية فعلينا أن نستسلم ولا نقول ‏:‏ كيف‏؟‏ ولم‏؟‏ ولهذا قال بعض العلماء كلمة نافعة قال‏:‏ ‏"‏قل ‏:‏ بم أمر الله ‏؟‏ ولا تقل ‏:‏ لم أمر الله‏؟‏‏"‏ والله ولي التوفيق‏.‏
هل الجنة والنار موجودتان الآن‏؟‏
‏(‏180‏)‏ سئل فضيلة الشيخ - أعلى الله درجته- ‏:‏ هل الجنة والنار موجودتان الآن‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ نعم الجنة والنار موجودتان الآن ودليل ذلك من الكتاب والسنة‏.‏
أما الكتاب فقال الله - تعالى - في النار ‏:‏ ‏{‏واتقوا النار التي أعدت للكافرين‏}‏ والإعداد بمعنى التهيئة ، وفي الجنة قال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين‏}‏ والإعداد أيضاً التهيئة‏.‏
وأما السنة فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة كسوف الشمس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قام يصلي ، فعرضت عليه الجنة والنار، وشاهد الجنة حتى هم أن يتناول منها عنقوداً ، ثم بدا له أن لا يفعل عليه الصلاة والسلام، وشاهد النار، ورأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار -والعياذ بالله - يعني أمعاءه قد اندلقت من بطنه فهو يجرها في النار ؛ لأن الرجل أول من أدخل الشرك على العرب، فكان له كفل من العذاب الذي يصيب من بعده، ورأى امرأة تعذب في النار في هرة حبستها حتى ماتت فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض ، فدل ذلك على أن الجنة والنار موجودتان الآن‏.‏
هل النار مؤبدة أو تفنى‏؟‏
‏(‏ 181‏)‏ وسئل فضيلته ‏:‏ هل النار مؤبدة أو تفنى‏؟‏
فأجاب بقوله‏:‏ المتعين قطعاً أنها مؤبدة ولا يكاد يعرف عند السلف سوى هذا القول ، ولهذا جعله العلماء من عقائدهم، بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبدة أبد الآبدين ، وهذا الأمر لا شك فيه ؛ لأن الله -تعالى- ذكر التأبيد في ثلاثة مواضع من القرآن‏:‏
والثالث‏:‏ في سورة الجن ‏{‏ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدًا‏}‏‏.‏ ولو ذكر الله عز وجل التأبيد في موضع واحد لكفى ، فكيف وهو قد ذكره في ثلاثة مواضع ‏؟‏ ومن العجب أن فئة قليلة من العلماء ذهبوا إلى أنها تفنى بناء على علل عليلة لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسنة وحرفوا من أجلها الكتاب والسنة فقالوا‏:‏ إن ‏"‏خالدين فيها أبداً ‏"‏ ما دامت موجودة فكيف هذا ‏؟‏
إذا كانوا خالدين فيها أبداً ، لزم أن تكون هي مؤبدة ‏"‏فيها‏"‏ هم كائنون فيها وإذا كان الإنسان خالداً مؤبداً تخليده ، لزم أن يكون مكان الخلود مؤبداً ؛ لأنه لو فني مكان الخلود ما صح تأبيد الخلود ، والآية واضحة جداً والتعليلات الباردة المخالفة للنص مردودة على صاحبها ، وهذا الخلاف الذي ذكر عن فئة قليلة من أهل العلم خلاف مطرح لأنه مخالف للنص الصريح الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقده ، ومن خالفه لشبهة قامت عنده فيعذر عند الله ، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف أن القول بتأبيدها هو الحق الذي لا يحق العدول عنه‏.‏
والحكمة تقتضي ذلك لأن هذا الكافر أفنى عمره كل عمره في محاربة الله عز وجل ومعصية الله والكفر به وتكذيب رسله مع أنه جاءه النذير وأعذر وبين له الحق ، ودعي إليه ، وقوتل عليه وأصر على الكفر والباطل فكيف نقول ‏:‏ إن هذا لا يؤبد عذابه ‏؟‏ والآيات في هذا صريحة كما تقدم‏.‏

سؤال وجواب في الطلاق محدث

7. الجزء السابع من سؤال وجواب في الطلاق   زيادة يوم 27-7-2021   *******   ج   7. اضافة أخري من ص 142.الردود ص 16. س53. ترقيم س1...